التحكم في المشاعر
إن التحكم في المشاعر يساعد جيدًا في بناء العلاقات الاجتماعية وفي ضبط النفس عند الانفعال، ولكن غالبًا ما يعاني البعض من عدم القدرة على التحكم في مشاعره، مما يجلب له عدة مشاكل في حياته، ودائمًا ما أرى بعض الناس ينشرون مشاكل متعلقة في عدم قدرتهم على ضبط مشاعرهم والتصرف بسلوك صحيح، فالبعض لديه مشاكل في عدم القدرة على التحكم بغضبه، ومنهم من يعاني من عدم القدرة على التحكم بمشاعر الحزن لديه أمام الناس.
هذا المقال سيساعدك جيدًا لتتحكم في مشاعرك المختلفة، ولتستطيع اكتساب ثقتك بنفسك أمام المجتمع، فتابع معنا.
ما هي إدارة المشاعر؟
إدارة المشاعر هي قدرة أو مهارة يستطيع المرء من خلالها القدرة على التحكم بمشاعره، وضبط التصرفات الناتجة عنها، وذلك بالقدرة على إدراك أي شعور ينتاب الإنسان وتوجيهه للتعبير عنه بصورة صحيحة.
يمكن ربط الضبط النفسي العاطفي مع إدارة المشاعر، لأن ضبط النفس هو القدرة على إدارة المشاعر والعواطف السلبية. لدى الكثير مفهوم خاطئ عن إدارة المشاعر وضبط النفس، فمن الخطأ فهم أن إدارة المشاعر هو كبحها وكبتها في النفس، بل إنما هي مهارات توجه النفس نحو سلوك صحيح عند الانفعال والشعور بمشاعر سلبية.
لماذا من المهم إدارة المشاعر؟
التحكم بالمشاعر له أهمية كبيرة في حياة الفرد على كافة الأصعدة، ففي حياته الاجتماعية يحتاج إلى التحكم بمشاعره من أجل بناء علاقات اجتماعية قوية، فالمرء دائمًا ما يتعرض إلى مواقف مع من حوله تجعله يشعر بمشاعر سلبية، فإن لم يقدر الإنسان على ضبط مشاعره والتحكم بها في هذه المواقف، فإنه سيواجه مشاكل اجتماعية عديدة، وقد يؤدي ذلك في النهاية إلى الشعور بالوحدة والانعزال، لذلك على أي إنسان أن يمتلك مهارات تقوده نحو التصرف الصحيح والسليم في المواقف السلبية المختلفة.
تتركز أهمية امتلاك مهارات إدارة المشاعر في كونها تجعل الإنسان أكثر وعيًا، وذلك من خلال فسح المجال للعقل للتفكير والتخطيط واتخاذ القرارات، والابتعاد عن التصرفات الناتجة والنابعة من محض المشاعر، فالتصرفات الناتجة من تفكير عقلاني دائمًا ما يكون أكثر صوابًا. كما أن التحكم في المشاعر يساعد الإنسان على مواجهة مصاعب الحياة بكفاءة والتغلب عليها بعقل .رشيد.
كما أن امتلاكك لمهارات التحكم بالمشاعر تبعدك عن بعض الحالات النفسية التي قد تصيبك جراء عدم القدرة على التحكم بمشاعرك. فبعض البشر لا يستطيعون التحكم بمشاعر العضب لديهم، وهذا يترتب عليه آثارًا سلبية على الصحة النفسية والجسدية أيضًا. لذلك من المهم أن يكتسب الإنسان مهارات التحكم بالمشاعر وعدم فسح المجال لها، بل يجب أن يتحكم هو فيها حفاظًا على حياة اجتماعية وصحية سليمة.
هناك جانب آخر يظهر مدى أهمية التحكم بالمشاعر، وهو طريقة تعبير الإنسان عن مشاعره، فالشخص الذي لا يستطيع التحكم بمشاعره، يعبّر عن مشاعره بطريقة خاطئة، وهذا ما سيؤثر بالسلب على نظرة الناس له. فمثلًا لا يستطيع بعض الأفراد التحكم بالضحك، وبصراحة هذه صفة سلبية للغاية، فتخيل أن تحضر عزاءً وضحكت أمام الحضور، فموقفك سيكون صعبًا، وستكون نظرة الناس لك غير جيدة، لذلك عليك التحكم بمشاعرك والقدرة على التعبير عنها بطريقة صحيحة وبالمكان والزمان الصحيح.
استراتيحيات مهمة من أجل التحكم بالمشاعر العاطفية
إن كنت لا تستطيع التحكم بمشاعرك العاطفية ولا تحاول السيطرة عليها أو إيجاد حلٍ لهذه المشكلة، فاستعد لمواجهة المشاكل الاجتماعية والنفسية. وإن كنت مهتمًا بحل هذه المشكلة، فاقرأ الاستراتيجيات التالية لتساعدك على التحكم بمشاعرك.
١. تعلم مهارة التنفس العميق مع الاسترخاء
هذه المهارة معروفة ومشهورة بفوائدها لتهدئة النفس وتخفيف القلق والمشاعر السلبية، فالتنفس العميق وببطء يساعد الإنسان على الاسترخاء وإخراج المشاعر السلبية المتراكمة. كل ما عليك فعله أثناء عدم قدرتك على التحكم بمشاعرك هو التنفس بعمق وببطء، وحاول قدر الإمكان الاسترخاء. إن كنت واقفًا فاجلس، وإن كنت جالسًا فقف وسِر. كما يمكنك الاستعانة بأحد الأفراد القادرين على زرع الطمأنينة والهدوء في داخلك.
٢. افصل بين عملك وحياتك الشخصية
من أكثر الأمور التي تسبب التوتر والقلق، فعند ربط مشاكلنا بتفكيرنا أثناء العمل، فإننا غالبًا ما نتوتر ونشعر بالقلق، بل غالبًا لا نتم مهام عملنا على أكمل وجه. ولهذا السبب يجب أن تفضل تمامًا حياتك الشخصية عن عملك، صحيح قد يكون الأمر صعبًا، ولكن نتائجه ستؤثر عليك بالإيجاب. كذلك عندما تعيش حياتك الشخصية فانسَ عملك وتابع حياتك كأن لا عمل لك.
٣. نفّس عن غضبك بأسلوب صحي صحيح
لا تنتهي معاناة الأفراد من المشاكل الناتجة عن الغضب وعدم القدرة على التحكم به، وقد يحاول البعض كتمانه ظنًا منهم أت هكذا يتحكمون بغضبهم، وهذه الطريقة هي خطأ شائع عن الكثير، فالغضب هو شعور صحي عاطفي وكتمانه يؤدي إلى مشاكل صحية، وإن إدارته تشمل كيفية التعبير عنه بطريقة صحية صحيحة، مثل ممارسة الرياضة.
٤. لا تتخذ قرارًا عند غضبك أو سعادتك
جميعنا نعلم بنصيحة عدم اتخاذ القرارات عندما نكون غاضبين، ولكن قد تبدو نصيحة عدم اتخاذ قرارات عندما نكون سعداء غريبة بعض الشيء. هذا صحيح، ولكن النصيحة الأولى والثانية ركزتا على نوع العاطفة، وبشكل عام أريد أن أخبرك أن اتخاذ أي قرار نتيجة شعور ما سيكون فاشلًا، لأن القرارات السليمة تنبع من تفكير وتخطيط عقلاني بعيدًا عن العاطفة. وهذا هو سبب تقديمي لنصيحة عدم اتخاذ القرارات عند الغضب وعند الفرح.
٥. اعرف ما يسبب غضبك
إن معرفة أسباب غضبك يساعدك جيدًا في التحكم بمشاعر الغضب، فعندما تواجه المواقف وأسباب غضبك ستكون مخططًا سابقًا كيف ستواجهها، ويكون دماغك مؤهيئًا لمواجهتها وتجهيز ردود أفعالك، وهذا ما يساعدك لتكون أكثر هدوءً في المواقف الصعبة التي قد حددتها مسبقًا.
٦. مارس قاعدة العد
من الممكن أنك قد سمعت بهذه القاعدة سابقًا، وهي قاعدة العد أو قاعدة العشر ثوانٍ، إذ تشمل هذه القاعدة العد حتى العدد 10 قبل أن تتكلم أو تلفظ حرف واحد، وقبل أن تتخذ قرارًا، وأن تتقدم خطوةً للقيام بأي شيءٍ أثناء غضبك، ففي الحقيقة دائمًا ما نندم على تصرفات نفعلها أثناء انفعالنا، وهذا لأن العقل يكون بعيد عن أي فعل يفعله الجسم، بل إن المشاعر حينها هي من تتحكم بردود فعل الفرد. ولكن عند العد أو الانتظار 10 ثوانٍ، فإن المشاعر تبدأ تضعف سيطرتها على ردود فعل الفرد، ويبدأ العقل يفرد سيطرته على قراراتك وتصرفاتك.
٧. أحط نفسك بالإيجابيات
بيئة العمل التي لا تحبها، أو وجودك بين أفراد لا تفضل وجودهم أحد الأمثلة للسلبيات التي تحيط بك أحيانًا، وإن كنت دائمًا محاطًا بسلبيات في جميع جوانب حياتك فإنك ستتأثر سلبًا في عدم قدرتك على التحكم بمشاعرك. لذلك حاول دائمًا أن تحيط نفسك بما هو إيجابي لك ولأعصابك ونفسيتك.
٨. أعطِ مساحة لنفسك
دائمًا ما نجد أشخاصًا مشغولون بشكل كلي، ليس لديهم الوقت للتنزه، أو الذهاب مع عائلتهم رحلة، أو الخروج والمشو بين الأزقة مثلًا. فهؤلاء الأشخاص دائمًا ما نجدهم متوترون غاضبون، لا يجدون الوقت حتى ليناموا ساعات كافية، وهذا الأمر خطير على الصحة النفسية، وقد يسبب عدم القدرة على الحكم بالمشاعر.
أعطِ لنفسك مساحة صغيرة تأوي بها نفسك، وتشحن بها طاقة إيجابية، تحدث مع نفسك وناقش مشاكلك ومصاعبك، وشجع نفسك وادعمها.
في الختام، يعد التحكم في المشاعر أمرًا ضروريًا في حياة الإنسان، إذ يساعده ذلك في بناء حياة عملية واجتماعية سوية، لذلك تعلّم ذلك جيدًا حتى تعيش بسلام.