مقدمة
استعرضنا في الجزء الأول من المقال معنى التعلُّم الذاتي، وكذلك مفهوم مصطلح Ultra learning، بالإضافة إلى الخطة الشاملة الممنهجة للتعلُّم الذاتي الفائق بسرعة وفاعلية.
وقد تطرقنا إلى أن هذه الخطة تشمل 8 محاور رئيسية، استعرضنا فيها المحور الأول في المقال السابق، ونتابع الآن المحور الثاني والثالث في هذه الخطة.
ثانيًا: خطة التعلم Meta learning
Meta learningهو تعلُّم كيفية تعلُّم المهارة أو المادة العلمية المطلوبة
فمثلًا لو كان الهدف هو تعلم اللغة الإنجليزية، فالمطلوب هو كيفية تعلم اللغة الإنجليزية بالشكل الذي يحقق لك أهدافك من تعلمها، ويمكنك الحصول على هذه المعرفة ب 3 خطوات:
1- لماذا أتعلم؟
ما هو السبب الذي يجعلني أرغب في تعلم هذا الشيء؟ وإجابة هذا السؤال لها هدفين.
الهدف الأول:
- التأكد من صحة المهارة أو المعرفة التي قررت تعلمها، وأنها سوف تحقق لك الدافع من هذا التعلم. فمثلًا يمكن أن يكون الدافع من التعلم المنفعة، مثل الترقي الوظيفي أو زيادة الدخل، وبالتالي فعليك أن تكون متأكدًا من الهدف الأساسي لتعلم هذه المهارة.
- بعض الشباب يتعلمون لأجل وضع هذه المهارات في السيرة الذاتية فقط، وبدون وضع أهمية للقيمة العملية من تعلمها، وذلك يجعل الكثير يتعلم أشياء غير مفيدة، وهذا يتسبب في إضاعة الوقت والجهد الذي أولى به أن يوجهوه لأمور أخرى مفيدة.
- يمكن أن يكون الدافع فقط هو الفضول وحب التعلم، وهما صفتان جيدتان لو استطعنا توجيههم بشكل جيد في حب التعلم، وإلا سيكون ذلك مضيعة للوقت والجهد ومزيد من التشتت.
لا تقطف زهرة من كل بستان، من الأفضل أن تزرع بستانك الخاص.
يفضل أن تكون أولوية التعلم المهارات والعلوم، التي تكون دوافع تعلمها خليط بين تحقيق المنفعة وحب التعلُّم.
الهدف الثاني:
التأكد من صحة اختيارك للمعرفة أو المهارة التي قررت تعلمها. أي مساعدتك فيما يجب التركيز عليه في عملية التعلُّم.
فمثلًا: لو كان هدفك من تعلم اللغة الإنجليزية هو زيادة قدرتك على التعلم من الكتب ومن المصادر المتوفرة باللغة الإنجليزية، هذا معناه أنه أثناء تعلمك اللغة الإنجليزية يجب التركيز على تعلم الكثير من المصطلحات أكثر من تعلمك المحادثة واللكنات.
وتذكر أن من مميزات التعلُّم الذاتي أنك غير مجبر أن تتعلم شيء غير مفيد لك في الوقت الحالي.
2- ماذا أتعلم؟
- وذلك بوضع هدف محدد وواضح لمشروع التعلم، فمثلًا ليس من الصواب أن تقول سوف أتعلم البرمجة أو اللغة الإنجليزية؛ فهذه المجالات مجالات مفتوحة يمكن أن يستمر التعلم فيها طوال حياتك.
- لكن يمكنك تحديد تعلُّم أساسيات البرمجة بلغة البايثون مثلًا، أو تعلُّم قواعد اللغة الإنجليزية لصياغة جمل صحيحة.
- وهنا يمكنك تحديد كورس أو كتاب أو منصة لبدء التعلم.
3- كيف سأتعلم؟
- إجابة هذا السؤال تشمل تحديد المصادر التي تنوي الاعتماد عليها في التعلم مثل الكتب والكورسات أو المنصات التعليمية من على الإنترنت، مع معرفة كيفية تطبيق ما ستتعلمه من المصادر.
- من هنا تبدأ رحلة البحث عن هذه المصادر للتعلم، فتبدأ بالانضمام إلى جروبات على الإنترنت مهتمة بهذه المصادر، وتحصل على هذه المصادر حسب هدفك المحدد.
- يفضل البحث في أكثر من مجموعة، وكذلك البحث على يوتيوب و جوجل.
- حاول أن تجمع عدد كبير من المصادر، ثم تبدأ في فلترة هذه المصادر وتحديد الأنسب للتعلم.
- يجب التأكد من أن المصدر الذي اخترته يمكنك تعلُّمه بشكل كامل.
- لا تجعل فترة البحث تطول أكثر من اللازم بحثاً عن مزيد من المصادر، فتتحول رحلة البحث لوسيلة للتسويف غير المبرر.
- احرص أن يكون هناك ديدلاين لمرحلة البحث، ثم تبدأ بعدها في مرحلة التعلم.
وخلاصة ما سبق ذكره هو المقصود بال Meta learning، وهي مهارة سوف تتحسن وتتطور مع الوقت والاستمرار في رحلات التعلم.
وبعد الانتهاء من ال Meta learning ستواجه أول مشكلاتك مع التركيز.
ثالثًا: التعلم بتركيز
- لأوقات تعلم أقصر ونتائج أفضل فلابد أن تكون ساعات التعلم بتركيز، فساعة واحدة بتركيز أفضل من 4 ساعات من التعلم المشتت.
- فمن الخطأ الكبير أن تقرأ كتاب أو تسمع فيديو وتبدأ في تصفح تليفونك أو الرد على رسالة أو متابعة صفحة على السوشيال ميديا كل بضعة دقائق، وبهذه الطريقة لن تتذكر ما تتعلم.
- هناك ثلاث مشاكل للتقليل من القدرة على التركيز.
1- التسويف:
- بالرغم من أنك أخترت التعلم الذاتي وقمت بعمل خطة للتعلم، إلا إنك قد تجد نفسك تسوّف في بدء التعلم.
- أفضل الحلول في حل مشكلة التسويف هو التعلم والعمل بنظام الجلسات.
- وهي أنك تختار مهمة واحدة فقط، مثل قراءة عدة صفحات من كتاب أو مشاهدة كورس وتعمل عليه لفترة زمنية قصيرة 10 دقائق أو ربع ساعة مثلًا.
- ونظام الجلسات من الأنظمة الناجحة في محاربة التسويف، ويمكنك الاستعانة بإحدى التطبيقات على تليفونك لتحديد وقت الجلسات أو استخدام المنبه وتحديد مدة الجلسة.
2- التشتت:
- من السهل عليك البدء، لكن بمجرد البدء لا تستطيع التركيز وتقع فريسة سهلة للتشتت.
- ومن النصائح التي تساعدك على تقليل التشتت، هي استخدامك لقائمة المشتتات.
- وذلك باستخدام ورقة وقلم، وكلما احسست بأنك تريد الخروج من جلسة التعلم، أكتب في الورقة المشتت الذي يحاول أن يلهيك عن الجلسة، واستمر في جلسة التعلم على أي حال.
- لو كان هذا المشتت مهم مثل اجراء مكالمة تليفون نسيتها، أو البحث عن شيء مهم على الإنترنت تحتاجه، فأنت لست محتاج لإيقاف جلسة التعلم لأنك كتبته وستقوم بعمله بعد إنتهاء الجلسة.
- أما لو كان هذا المشتت غير مهم فستكتشف أنه كان من غير الضروري انهاء الجلسة، أو حتى عمل هذا المشتت بعد إنهائها، وبالتالي لن تلتفت له مرة أخرى.
- كذلك أهتم بتهيئة بيئة التعلم لتقلل المشتتات حولك.
- يمكنك الاستعانة بقائمة المشتتات لاكتشاف الأشياء التي تشتتك وتعالجها.
- فإذا كانت جلسة التعلم بها ضوضاء أو هناك من يقاطعك، فحاول إيجاد مكان آخر.
- يمكنك وضع الموبايل في مكان آخر إذا لم تستطيع مقاومة وجوده بجانبك.
اللابتوب أكثر فاعلية في التعلم من الهاتف الذكي، ويبعدك عن التشتت أكثر من الهواتف الخلوية.
3- قلة الطاقة:
- من الأخطاء التي تحدث في عملية التعلم أننا نجعل التعلم في آخر اليوم بعد عمل جميع الالتزامات.
- وبالتالي سوف تكون استهلكت جميع طاقتك الذهنية والجسدية، فمن الطبيعي أن تجد نفسك غير قادر على التركيز والتعلم وغير قادر على البدء، وبالتالي لابد من إعطاء التعلم الذاتي الأولوية.
- لو أمكن أن تجعل التعلم في بداية اليوم قبل موعد عملك، ولكن هذا سيلزمك أن تستيقظ قبل موعد عملك بوقت كافي.
- أن لم يُجدي هذا الحل فيمكنك عمل جلسات عمل قصيرة خلال اليوم، فمثلًا ساعة واحدة مقسمة على مدار اليوم ل 4 جلسات في أوقات انت قادر فيها على التركيز. ذلك أفضل من جدولة ساعتين في آخر اليوم، فتكون قدرتك على التركيز وقتها شبه معدومة.
- ان لم تستطع استقطاع هذا الوقت خلال اليوم الدراسي، يمكنك اقتناصه خلال الإجازة الأسبوعية.
- وبالنسبة للإجازة الصيفية التي تصل إلى 3 شهور، فهي فرصة مناسبة لأكثر من مشروع تعلم، ويمكن تخصيص وقت يومي لذلك.
وسنتابع معاً باقي خطة التعلم الذاتي الفائق في المقالة القادمة……
كتبه؛ سمر فرج (Samar M Farag)