هل يمكن أن أصبح فري لانسر؟
كلمة فري لانسر من أكثر الكلمات انتشارًا في العالم العربي في السنوات الأخيرة، فالبعض يراها هراءً والبعض الآخر يراها حلمًا، وهناك من جعلها حقيقة وأصبحت مصدر رزقه الوحيد، إذًا ماذا يعني الفري لانسر؟ وما سبب هذه الضجة التي سببتها هذه الكلمة على السوشيال ميديا والمواقع المختلفة؟ وهل حقًا هذا الهاتف الذي بين يديك أصبح قادرا على أن يخرج المال؟ كل هذه المعلومات سنتحدث عنها في مقالنا اليوم، لذلك تابع معي للنهاية.
ما هو الفري لانسر؟
كلمة الفري لانسر هي كلمة انجليزية Freelancer، ومعناها في اللغة العربية المستقل، وهو الشخص الذي لا يربطه عقد أو إلزام في عمله، فكل ما عليه هو أن ينجز عملًا ما وُكِّل إليه ثم يمضي. سأقرب لك المثال أكثر:
لو أن شركة ما احتاجت لصيانة الكهرباء وقامت بالاتصال بمختص بهذا المجال وجاء، وقام بتصليح الكهرباء وأخذ مستحقاته من المال وذهب، واتصلت به عدة شركات بذات اليوم وقام بذات الشيء، هذا الشخص ليس موظفًا بالشركة ولا ينتمي لها، ولا يوجد عقد عمل بينهما، لكن عندما احتاجت الشركة له اتصلت به وانتهى عمله معها مع انتهائه من تصليح الكهرباء.
هذا المثال إن كان العمل على الواقع، لكن أنا سأحدثك اليوم عن العمل من الإنترنت، لكن الأمر لا يختلف كثيرًا، فالمستقل أو ما يسمى فري لانسر هو شخص لا يمتلك أي عقد عمل ولا راتب ثابت، ولا ينتمي لجهة ما وهو حر بوقته لا توجد قيود تأسره بعمله، وهذه هي من أفضل ميزات الفريلانسر.
لا يشترط أن تعمل مع الشركة لمرة واحدة فقط، بل ربما أن تعمل كفريلانسر عندها لعدة شهور إلى حين انتهاء العمل الموكل لك، لكن الفكرة هي بعدم وجود قيود لعملك وأن لديك الحرية الكافية للانتقال من شركة إلى أخرى، والعمل بأكثر من مكان في الوقت ذاته، ولأنني أخص بالكلام العمل الحر عبر الإنترنت فمن الممكن أن تستلم عملًا في الهند، وآخرًا في الأردن ولا يوجد أي تعارض بين العملين، لذلك تعتبر الفري لانسر هي حلم للكثير من الأشخاص.
الأن بالنسبة لي، لا أرى أن جميع الأشخاص قادرون على أن يكونوا فري لانسر رغم حلم الجميع بالتخلي عن الوظيفة التقليدية والبحث عن العمل الحر الذي يجعله حرًا طليقًا، لكن بالنهاية الأمر ليس بهذه السهولة وفيه الكثير والكثير من الجوانب السلبية التي يجب أن تكون مطلعًا عليها، ولا تعتقد أن كل من قرر أن يدخل إلى عالم الفريلانسر نجح بذلك، فالكثير من الأشخاص فشلوا فيه وعادوا للبحث عن وظيفة تقليدية براتب ثابت، لا أقول لك هذا الكلام لتُحبط، فما يدريك، لعلك تكون من الناجحين في مجال عملك كفريلانسر.
لماذا يجب أن أصبح فريلانسر؟
إن تخليك عن الوظيفة التقليدية ليس بالأمر السهل أبدًا، لأنك اعتدت على الراتب الثابت دون مقارنة الراتب بالجهد المبذول طوال الشهر، ولا يطلب منك أحد أن تتخلى عن وظيفتك قبل أن تتحول الوظيفة إلى عائق أمام تتطورك وحساب أرباحك، لكن بداية دعني أخبرك بمزايا الفريلانسر وما سبب الإقبال الشديد عليها.
التخلص من العبودية: إن الوظيفة التقليدية غالبًا ما تكون شكلًا من أشكال العبودية التي تحكم عليك العيش براتب ثابت مدى الحياة، ومهما تطورت مهاراتك المقدمة لن تجد التشجيع أو المكافآت التي تحلم بها، لذلك فإن أول ما يحظى به الفريلانسر هو التخلص من القيود والعيش بحرية مالية وتحقيق الأرباح بناءً على الجهد المبذول.
ابتداءً من اليوم لن تكون مضطرًا للاستيقاظ صباحًا وارتداء بدلتك الرسمية واصطناع ضحكة مزيفة على وجهك والجري خلف الحافلة لتصل إلى الوقت، وفي حال تأخرت قليلًا ستجد الوجه الغاضب ينتظرك ليقدم لك توبيخة صباحية لا يحلو يومك دونها.
دعنا نكون واقعيين أكثر، صحيح أن العمل الحر في مرحلة من المراحل يجعلك تصل إلى الاكتفاء المادي وتتخلى عن جميع وظائفك السابقة، لكن في حال كنت سعيدًا في عملك وتشعر أنك في المكان الصحيح، أو كنت صاحب مهنة نجار أو حداد أو حلاق وتسعى لاستغلال مواهبك وقدراتك الأخرى، سيكون العمل الحر دخلًا إضافيًا لك، فلا يشترط أن يكون دافعك للعمل الحر هو النفور من وظيفتك الحالية، بل قد يكون الدافع هو تحسين الظروف الحالية والطموح للحصول على مردود مالي إضافي.
الحصول على نتائج مجهودك: غالبًا في العالم العربي لا يتناسب مجهود الموظف مع راتبه، وهذا ما يجعله دائمًا يشعر بأنه مظلوم وأن حقه مسلوب، بينما في العمل الحر أنت من تحدد سعر تعبك ولا يحق لأحد أن يتدخل بك ولا أن يفرض عليك سعرًا محددًا.
الجانب الإيجابي الذي يجب أن نذكره هنا أيضًا هو أن العمل سيكون ضمن مواقع العمل الحر بالدولار، وبالتالي فرق العملة سيساعدك جدًا على تحسين مستوى معيشتك، لأن أقل مهمة تقوم بها سيكون سعرها 5$ وهو مبلغ لا بأس به كونك تعيش بالعالم العربي.
عندما يكون الدخل متناسبًا مع المجهود، سيكون الأمر متروكًا لك في تحديد الرقم الذي ترغب بالوصول إليه في نهاية الشهر، ولكن لا تظن أن الأمور وردية لهذه الدرجة وأن العملاء ينتظرونك بالطوابير، ولكن بذات الوقت الأمر ليس مستحيلًا فلو أنك قررت تحقيق 1000$ شهريًا ستصل لهذا المبلغ يومًا ما، ربما بعد سنة أو سنتين لكن ستصل له بالتأكيد.
تطوير الذات: لن يمضي بك قطار العمر وأنت تعيد كل يوم الروتين ذاته وتكرر الأعمال ذاتها لتأتي في آخر المساء منهكًا من التعب وتخلد إلى النوم؟ بل سيكون أمامك الكثير والكثير لتتعلمه، فكل يوم سيوكل لك وظيفة جديدة، وكل يوم ستتواصل مع عميل جديد، هل تتوقع أن هذا الأمر بسيط؟ بعد عدة شهور ستلاحظ أنك بدأت تصبح أكثر نضجًا وأكثر وعيًا، وبدأت تبحث بشكل دائم عن الكورسات التي ستجعلك أكثر مهارة وكفاءة، ولا يهمك لو أنك دفعت 100$ للكورس الواحد، لأنك موقن تمامًا أنك في النهاية ستتمكن من مضاعفة هذا السعر والحصول على خبرة كبيرة والسعي الدائم لتطوير المهارات، وبدلًا من أن تجري خلف المال ستجري خلف العلم الذي سيجلب لك المال في النهاية.
إن كل فريلانسر لو نظرت لسيرته الذاتية في بداية مشواره مهما كان مجاله ستجد أنها بسيطة جدًا، ولكن مع كل تطوير للسيفي خاصتك، ستلاحظ قفزة بالمهارات سواءً اكتسبتها من أحد المشاريع التي أنجزتها أو كونك خضع لكورس ما، المهم أنك يسعى لتطوير ذاتك دائمًا.
الأن يجب التنويه أن المقصود بالعمل الحر والفريلانسر هو تقديم خدمة للأخرين، مثلًا تصميم الصور أو الفيديوهات، أو برمجة المواقع أو كتابة المحتوى، لكن لا يقصد به أبدًا جني المال من الألعاب والاستبيانات والمواقع الربحية، لأن جميع الطرق السابقة مخالفة للقانون والشريعة، ولا تعود على الإنسان بأي فائدة فالعمل الحر هو عمل حقيقي ومجهود حقيقي يستحق السعر المحدد ويحتاج للكثير من الجهد للوصول للمهارات اللازمة، فلا يقصد بالعمل الحر الحصول على المال بالراحة، وإنما الحصول على المال بالطرق الشرعية والأخلاقية بذكاء أكبر وربح أكبر وجهد أقل.
لست محدودًا بمجال معين: إن الشرط الأساسي لعملك كفري لانسر هو امتلاكك لموهبة ما لكن دون وجود الموهبة لن يكون هناك مكان للإبداع والتميز، نعم هناك الكثير من الأشخاص كانوا لا يتقنون شيئًا أبدًا بالتصميم، ثم أصبحوا مصممين بارعين، لكن كلفهم ذلك الكثير والكثير من الجهد للوصول إلى المهارة التي تتحدث عنها، لكن لو أنهم كانوا يمتلكون الموهبة لاختصروا على أنفسهم الكثير من الجهد، خاصة في بداية الطريق.
حسنًا الآن بما أنك تستطيع البدأ بمهارة إما بوجود موهبة أو ببذل جهد مضاعف، لماذا إذًا لا تعمل بالأمرين معًا، فالمجال الذي تمتلك به موهبة ستعمل به بجهد أقل، والمجال الذي لا تمتلك به مهارة ستحتاج به إلى جهد أكبر، وبالتالي ستعمل في مجالين منفصلين وتحقق أرباحًا إضافية، فما المانع من كونك مصممًا فوتوغرافيًا من أن تصبح مبرمجًا أيضًا.
لا أريدك أن تفهم من كلامي أن الأمر سهل جدًا أو ممكن لجميع الأشخاص، لكن ما أقصده أنا أنه ليس مستحيلًا، ولا يوجد قيود تمنعك من التنقل من مهارة إلى أخرى، فما دمت تمتلك الإرادة لتعلم كل جديد، فما المانع إذًا من التعلم والمحاولة.
لن يسألك أحد عن شهاداتك: هل تعلم أن أغلب المتفوقين والناجحين بالعمل الحر لا يملكون شهادة أكاديمية وربما عدم نجاحهم في المجال الدراسي دفعهم للعمل الحر، لأن في هذا النوع من العمل لا يسألك أحد عن شهاداتك، بل ما يهمه هو مهاراتك، فالبرغم من وجود شهادة أكاديمية في مجال الغرافيك ديزاين، إلا أن أغلب الناجحين فيه لا يحملون هذه الشهادة، وذات الأمر بالنسبة للبرمجة والتصميم بأنواعه وأي مجال كان، لذلك ستكون هذه فرصتك بتحقيق حلمك الذي لم تتمكن من تحقيقه بالجامعات.
كيف تصير فري لانسر؟
الأن بعد المزايا التي قد قدمتها لك عن الفريلانسر والتي لا تشكل نقطة في بحر، أرى أنك قد تحمست جدًا لكي تصبح فري لانسر، لذلك سأرشدك إلى الطريق الصحيح والذي سيكون مناسبًا لك مهما كان تخصصك وصعوبته.
هل أنت حقًا مناسبًا لأن تصبح فري لانسر؟
عليك أن تدرك تمامًا أن ليس كل شخص سيكون مناسبًا للعمل كفري لانسر، وقد أخبرتك بذلك سابقًا، والسبب يعود إلى الجانب الأسود من القصة، والذي لم أخبرك به بعد، هل تعتقد بوجود شيء وردي بهذه الحياة؟ لا بد أنه يمتلك جانب إيجابي قد تحدثنا عنه، أما الجانب السلبي فهو واسع أيضًا أما أهم نقاطه فهي الأمور التالية:
وجود صعوبة في تسليم المشاريع، فهناك الكثير من الأشخاص يمتلكون مهارات قوية، لكنهم لا يستطيعون أن يجبروا أنفسهم على العمل، وبالتالي لن يتمكنوا من تسليم الأعمال الموكلة لهم ما لم يكن هناك مدير يجبرهم على ذلك، وبالتالي عملهم فريلانسر سيجعلهم يمتلكون سمعة سيئة.
إن إدارة الوقت هو سر نجاح كل مستقل، لذلك ستجد بعض الفريلانسر يعملون أكثر من الساعات الثمانية التي قد هربوا منها، ولا يحصلون على يوم إجازة، وبذات الوقت مقصرين بواجباتهم العائلية وحتى المهنية لأنهم لا يتقنون فن إدارة الوقت.
العمل الحر يعني أنك لا تمتلك راتبًا ثابتًا وهذا يعني كارثة حقيقة للكثير من الأشخاص، لأن وراءهم التزامات شهرية، فالعمل الحر قد يجعلك مضغوطًا بالعمل لبعض الأسابيع وفارغًا تمامًا لبعضها الآخر فهل أنت مستعد لهذا الأمر؟
هناك العديد أيضًا من الجوانب السلبية للعمل الحر والتي عليك أن تفكر بها جيدًا وتسأل نفسك هل حقًا أنت مناسب للعمل الحر أم لا؟
في حال كان الجواب لا، فهذا ليس عيبًا، بل من الجيد أن تعرف نفسك وتقيمها جيدًا، ولا ريب لو أنك وقفت بالمنطقة الرمادية حيث حافظت على وظيفتك، وبذات الوقت تعلمت مهارة ما وبدأت بتقديمها على حسب فراغك.
معرفة الخدمة التي ستقدمها: الكثير يتساؤل ماهي المهارة أو الخدمة التي سأقدمها، لكن مع الأسف في هذه النقطة بالذات لن أتمكن من مساعدتك، لأنك وحدك من تستطيع أن تحدد مهاراتك ومواهبك التي تستطيع تطويرها ثم تقديمها.
مثلًا لو أنك متفوق باللغة الإنجليزية، ستجد أمامك الكثير من الفرص التي ترحب بك للترجمة أو لتقديم دروس أون لاين أو لتقديم كورس ما، إذ إن لكل خدمة الكثير من الفروع التي بإمكانك التخصص بجزء منها أو العمل في جميعها، لذلك لا يمكن لأحد أن يخبرك كيف تتوجه في أي طريق، لكن يمكن أن أقول لك المهارات التي ستلزمك بكل طريق حتى تتمكن من الاختيار بينها.
هناك عدة مهارات اكتسبتها في وظيفتك التقليدية لا يمكنك إنكارها وأهمها هي الالتزام بالعمل والمواعيد وإتقان العمل وغيرها الكثير من المهارات العامة والخاصة التي تختص بها كل وظيفة على حدى. الآن عليك أن تقوم بتجميع هذه المهارات والقيام بعدها بتقييمها والبحث عن الخدمات المحتملة والمهارات المطلوبة في كل خدمك ستجد كل هذه الأمور في موقعنا وبعدها ستتمكن من اختيار الأنسب لك.
اختيار مكان العمل الأنسب لك: إن العمل كفريلانسر يتطلب منك الكثير من الجهد للحصول على العميل وهذا لن يكون لمرة واحدة كما هو الحال في العمل الحر بل هو دائم، فبمجرد انتهاء مشروعك الحالي عليك البحث عن مشروع جديد، وأماكن البحث عن عملاء ليست محصورة ولا قليلة أبدًا.
هناك مواقع العمل الحر الأجنبية والتي تحتاج بالدرجة الأولى لإتقان اللغة الإنجليزية، وإلا فعليك التوجه مباشرة لمنصات العمل الحر العربية والتي أشهرها موقع خمسات الموقع الذي عليك قراءة جميع مقالاتنا عنه لتتعلم كيف تثبت ذاتك فيه، وتصل إلى مرحلة الظهور في صفحاته الأولى، ومنصة مستقل التي لا تتطلب منك البحث عن عميل وإنما إقناع العميل بالتواصل معك لأنه سيعرض عمله ويقوم بعدها بالاختيار من ضمن المتقدمين.
ما رأيك أن تقرأ أيضًا مقالنا عن لينكد إن وتتعرف فيها على هذا الموقع الخارق الذي لم يدخله أحد يبحث عن عمل إلا وجده، وبإمكانك أيضًا أن تستعين بمجموعات الفيسبوك والتي تعتبار خيارًا جيدًا للعثور على عميل دون الاضطرار لدفع عمولات لمواقع العمل الحر المختلفة.
طور نفسك دائمًا: كونك تسعى لأن تصبح فريلانسر عليك أن تعلم جيدًا أن الأمر يحتاج منك للكثير من الجهد والبذل للوصول إلى ماتطمح له، ففي بداية الأمر قد تجد العمل صعبًا وشاقًا، وربما ترى نفسك حائرًا وأنك متأخر جدًا عن الركب، ولكن مع مرور شهرك الأول ستجد أن الأمور بدأت تضح أمامك أكثر وأن الأمر أسهل مما تتخيل، ولكنه يحتاج للكثير من التعلم والقليل من الملل، ففي عالم الفريلانسر مهمتك ليست محصورة بالعمل وحسب، بل إن تطوير ذاتك الدائم وإضافة المزيد من الميزات لسيرتك الذاتية هو ما سيجعلك تصل إلى حلمك المنتظر.
كلما كانت مهارتك أكبر، كلما تمكنت من تحديد سعر أفضل لخدمتك، بحيث لا يكون سعرك خياليًا ولا تقلل من حق نفسك، إذ إن السعر يتوقف على المهارات المقدمة، لذلك لا بد من امتلاكك البورتفليو وسابقة أعمال حتى يتمكن العميل من تحديد مدى كفاءتك لهذا المشروع.
إن عالم الفريلانسر مليء جدًا بالمفاجآت، لذلك يحتاج إلى شخص يعشق التحديات والمغامرات، ولكي تصبح فريلانسر ناجحًا وتتجه للطريق الصحيح، عليك أن تلتزم بالنصائح السابقة وتتابع كافة مقالاتنا عن العمل الحر لأننا نضعها بناءً على تجاربنا السابقة وتلخيصًا لسنوات من الخبرة لذلك استفد منها جيدًا.