كل ما تريد معرفته عن السوشيال ميديا
يخضع العالم إلى السياسات الدولية التي حكمت عليه التقسيم ووضعت الحدود، فلم يعد العالم متصلًا واقعيًا كما كان، ومن هنا جاءت فكرة وصله على الإنترنت، إن تطبيقات السوشيال ميديا هي الفكرة الذهبية التي جمعت البلاد المتفرقة وفتحت الآفاق أمام الجميع دون أية قيود، تابع المقال معنا لتتعرف أكثر على السوشيال ميديا.
ما هي السوشيال ميديا؟
جميع أفراد الوطن العربي يعتقدون أن مواقع التواصل الاجتماعي بدأت بالظهور بالألفينيات، ولكن الحقيقة أن أول موقع للتواصل الإجتماعي كان عام 1979 وكان يسمى يوز نت، وكان الهدف منه هو التواصل بين جامعتي ديوك ونورث، ولكن أول موقع للتواصل الإجتماعي ظهر بالميزات والشكل الذي نعرفه اليوم عن هذه المواقع هو Myspace والذي يعتبر نقطة البداية لعالم التواصل.
أما اليوم فهناك أكثر 200 موقع تواصل اجتماعي حول العالم، ولا يوجد مالك واحد لهذه التطبيقات وإنما لكل تطبيق أو أكثر مالك ما، والهدف الحقيقي من هذا الكم الهائل من التطبيقات هو تحقيق الأرباح، فبالرغم من كونها تطبيقات مجانية، إلا أنها تحقق ملايين الدولارات شهريًا، وكل هذا يعود لنشر الإعلانات، وسيكون لنا مقال مفصل نتحدث به عن ذلك.
الآن دعنا نتفق أن فكرة هذه التطبيقات يتمركز حول التواصل بين الأشخاص، فأنت في بيتك بمنطقة أكتوبر بمصر تستطيع أن تتكلم مع شخص يقيم بهولندا صوت وصورة دون أن يكلفك الأمر أي شي (بغض النظر عن فاتورة الإنترنت)، أنت اليوم ترى كلامي عاديًا جدًا ولا تستطيع تفسير سبب محاولتي بجعلك تندهش من ذلك، لكن لو كان والد جدك على قيد الحياة وأخبرته أنك ستتكلم مع أخيك بالبرازيل صوت وصورة ستصيبه نوبة هستيرية من الضحك ويظنك قد جننت، ليس لأنه أقل قدرة على استيعاب التطور ولكن لأن الأمر حقًا غريب، ولكن نحن قد اعتدنا عليه.
لا تقتصر مواقع التواصل الاجتماعي على إجراء المحادثات الكتابية والصوتية بالرغم من تخصص بعضها بذلك، ولكن العديد منها فتح الآفاق للناس لتعبر عن ذاتها عن طريق المنشورات الكتابية أو الصور والفيديوهات المرئية، فالمحتوى الموجود ضمن التطبيق لم يقم صاحب التطبيق بإنشائه وإنما جميعه من إنتاج المستخدمين، كما أن من ميزات مواقع التواصل أن المستخدم يستطيع التفاعل مع المنشورات وترك تعليق يعبر به عن رأيه.
لا تضع مواقع التواصل الاجتماعي أية حدود لإنشاء حسابات عليها، فالعديد من الأشخاص يمتلكون أكثر من حساب ضمن ذات التطبيق وعادةً يتم ربط الحساب بالبريد الإلكتروني أو برقم الهاتف ليكون الحساب مؤمنًا ما أمكن ذلك.
تعمل تطبيقات السوشيال ميديا على مراقبة تحركات مستخدميها، فعادة لا تظهر لك الإعلانات عبثًا، وإنما تأتي متناسبة مع اهتماماتك ونتائج بحثك، وبالرغم من أن التطبيقات تدّعي الخصوصية التامة وأن المحادثات غير مراقبة، ولكن الكثير من المستخدمين ينفون ذلك ويصرحون أن الأمور التي يتحدثون عنها كتابة أو صوتًا يرونها في المنشورات في التطبيقات الأخرى، فمثلًا لو تحدثت عن السيارات ستكون أغلب المنشورات تتحدث عن السيارات، وهذا مخالف للخصوصية التي يتحدثون عنها.
من يستخدم السوشيال ميديا؟
إن عدد مستخدمي السوشيال ميديا تجاوز 4.33 مليار شخصًا كمجموع كلي لمستخدمي جميع مواقع التواصل الاجتماعي المشهورة، وهذا الرقم يدل على أن غالبية الأشخاص لا يكتفون بتطبيق واحد، وإنما يمتلكون حسابًا على أغلبية التطبيقات المختلفة.
الإحصائية السابقة تشير إلى أن غالبية سكان الأرض اليوم يستخدمون هذه التطبيقات مع اختلاف سبب استخدامهم، ولكن الفئة الأكثر استهدافًا هي فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15_30 عامًا، إذ إن معدل إمضاء الوقت على هذه المواقع يزيد على أربعة ساعات يوميًا، ويعتبر الرقم كبيرًا خاصة لو لم يكن هناك هدف من استخدامها.
زاد استخدام فئة الشباب للسوشيال ميديا مع انتشار إمكانية الربح منها، فلم تحتقر المواقع ربح الدولارات لنفسها، بل سمحت للمستخدمين بذلك مقابل نشر الإعلانات ضمن محتواهم، فلو تكلمنا مثلًا عن اليوتيوب، هذا التطبيق الذي لا يدعم التواصل المباشر وإنما يقتصر هدفه على نشر الفيديوهات، والتواصل ربما ضمن التعليقات، إذ إن اليوتيوب حوّل الكثير من الناس إلى أغنياء، والمقصود بالأغنياء هنا أي الغنى الفاحش، إذ يحصلون على ملايين الدولارات شهريًا سواءً كانوا أجانبًا أو عربًا، وباختلاف المحتوى الذي يقدمونه، فالعبرة ليست بجودة المحتوى مع الأسف، وإنما بعدد المشاهدين والمتابعين، ولدينا العديد من المقالات التفصيلة عن ذلك.
تعد السوشيال ميديا سلاحًا ذو حدين، فبعض الأشخاص تدهوروا بسببها واستخدموها بأشياء غير مفيدة وإضاعة الوقت، كمتابعة قنوات غير مفيدة على اليوتيوب تعرض حياة أشخاص لا تقدم ذرة فائدة للمشاهد، أو بتصفح الفيسبوك مثلًا لساعات طويلة دون الوصول لغاية محددة، أو حتى التواصل مع أشخاص غريبين وإضاعة الوقت معهم، بالمقابل هناك من يستخدمها ليصنع لنفسه مجدًا كالشركات التي تروج لمنتجاتها، والأشخاص الذين يستخدمون لينكد إن صباحًا ومساءً بحثًا عن عمل، وغيرها الكثير من طرق الإفادة التي لا حصاد لها.
لم يعد هناك غنى عن وجود مواقع التواصل الاجتماعي في حياتنا على جميع أصعدة الحياة، فحتى الأمور السياسية أصبحت منتشرة على مواقع التواصل، ويتم التعبير عن رأي المواطنين من خلالها، ويتم تداول الأخبار والأحداث المختلفة من خلال السوشيال ميديا، مما قلل من أهمية قنوات الأخبار على التلفاز، وأساسًا قللت السوشيال ميديا من استخدام التلفاز خاصة من قبل اليافعين.
إن فئة العاملين والموظفين عادةً مايستخدون مواقع التواصل الاجتماعي للبحث عن وسيلة عمل، وأصحاب البيزنس والشركات يصبون اهتمامهم على لينكد إن كونه التطبيق الأكثر رسمية والمصمم بشكل خاص لهم، أما الرؤساء والوزراء وأصحاب السلطات فعادة ما يستخدمون التويتر لنشر التغريدات المختلفة والتي تساعدهم على إيصال صوتهم للعالم.
ما هي ميزات وعيوب السوشيال ميديا؟
ميزات السوشيال ميديا
عديدة جدًا ومتنوعة: لا تقتصر تطبيقات السوشيال ميديا على نوع واحد من التطبيقات ولا شكل واحد بل هي متنوعة جدًا، فمثلًا تطبيق الواتساب يقتصر على المحادثات الكتابية والصوتية وفي بعض الدول يحتاج لدفع اشتراك لاستخدام ميزة المكالمات الصوتية والفيديو، أما الفيسبوك فهو يسعى ليكون رقم واحد في عالم السوشيال ميديا، وهو كذلك حقًا، فالكثير من الأشخاص لا يعرفون سواه ولا يستخدمون سواه، إذ يستخدمه تقريبًا ثلاث مليارات شخص، وهو يسمح بإجراء المحادثات عن طريق المسنجر، ولكن مضمونه الأساسي هو المنشورات والفيديوهات والألعاب فهو يتضمن كل شيء.
تعدد العلاقات العالمية: ضمن عالم السوشيال ميديا لست مضطرًا للاكتفاء بأبناء بلدك، لأن الهدف الرئيسي من هذه التطبيقات هي توسيع دائرتك المعرفية، وبالتالي يمكنك إجراء صداقات عالمية لتحقيق نفع من هذه الصداقات، وتعلم لغات وثقافات جديدة، وكل هذا لن يكلفك شيئًا ولا حتى وقتًا أو جهدًا.
حرية قول ماتشاء: صحيح أن الكثير من التطبيقات تمتلك كلمات محظورة والتي بمجرد ذكرها ستعرض حسابك للحظر، لكن بذات الوقت تستطيع أن تعبر عن رأيك السياسي والاقتصادي بكل احترام، وسيكون رأيك مسموعًا، خاصة لو أنك كنت صانع محتوى ومؤثرًا.
إظهار المواهب: الكثير من الأشخاص لم يتمكنوا من الحصول على فرصتهم في كشف مواهبهم وإطلاع الناس عليها، لذلك استغلوا السوشيال ميديا لفعل ذلك، وقد انتشر هذا الأمر كثيرًا خاصة على اليوتيوب، إذا أردنا أن نتكلم على القنوات المفيدة والقيمة.
تحسين الواقع المعيشي: الكثير من الأشخاص حصلوا على وظائف من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبعضهم الآخر استطاع أن ينمي قدراته ويطورها من خلال متابعة كورسات اليوتيوب والإنضمام لمجموعات مهنية وعملية.
التخلص من ضغط الحياة: الكثير من الأشخاص يهربون من الضغوطات المحيطة بهم ومن مشاكل الحياة إلى السوشيال ميديا، لأن بها جانب كبير للترفيه عن النفس والضحك والاستمتاع، كما أنها تتضمن العديد من المجموعات التي تهتم بتقديم محتوى ثري عن جانبٍ ما، وهنا بإمكانك استخدام السوشيال ميديا بأمور تحبها وتعزز معرفتك بها.
مساوئ السوشيال ميديا
المحتوى السريع: إن السوشيال ميديا جعل الأشخاص سريعين جدًا ولا يمتلكون الصبر الكافي حتى لمتابعة فيديو ما، فهم يتنقلون بسرعة ضمن المحتوى، وهذا يعتبر من أشد السلبيات على المجتمع القادم، بإضافة إلى سرعة تقلب المشاعر وتفاوتها من منشور إلى آخر، فقد تكون حزين من مشاهدة الفيديو وبعدها تضحك بشدة بالفيديو الذي يليه.
ضياع الوقت بشكل كبير: إن مواقع التواصل الاجتماعي تعد ملتهمة للوقت، حيث تظن نفسك أنك لا تقضي عليه إلا ساعة، ولكن الحقيقة أنك تقضي العديد من ساعات يومك التي قد تصل إلى 6 ساعات يوميًا، وهذا رقم كبير ومرعب وسيجعلك تدخل في حالة إدمان حقيقي ويبعدك عن الحياة الواقعية.
عدم الرضا بالحياة الحالية: نظرًا لكون السوشيال ميديا تَعرض حياة الناس بمختلف أشكالها وألوانها وتغيراتها، جعلت الناس غيرهم يشعرون بعدم الرضا عن واقعهم وأنهم أقل من دونهم وأنهم يستحقون حياة أفضل وواقع مثالي كالآخرين، والسبب الحقيقي في ذلك يعود لكون هذه التطبيقات سمحت لأي شخص كان من كان أن يكون مؤثرًا، وبالتالي اختلطت الأمور وانتشر الكذب، وتخفت الحقائق، وهذا خطر حقيقي يهدد الجيل القادم.
تفكك العائلات: إن مواقع السوشيال ميديا جعلت لكل شخص عالمه الخاص، مما جعله يبتعد كليًا عن عائلته وأصدقائه، فقد يتواجد بالمناسبات العائلية كجسد أما يديه وعقله ففي مكان آخر، وبالتالي هذه المواقع قللت بشكل كبير من أوقات جلوس العائلة مع بعضها والتحدث بأمور الحياة الواقعية، كما أنها زادت من الخيانات العائلية وفتحت أبواب الفتن على الجميع، فكل شيء متاح ولا يوجد أية حدود أو قيود للتحدث أو المشاهدة.
خطر حقيقي على الأطفال: إن الإنترنت بحد ذاته يشكل خطرًا على الأطفال دون 15 عامًا، فكيف الحال بمواقع التواصل التي لا تراعي المجموعات فيها وجود أطفال صغار يقومون بمتابعتها، لذلك أصبح ضبط هؤلاء الأطفال صعبًا، فقد أصبحوا يعرفون كل شيء عن أي شيء، ولا ينتظرون أن يستمدون معلوماتهم من الأهل، وحتى لو كانت معلوماتهم خاطئة لا يتقبلون ذلك لاعتقادهم أن كل ما على الإنترنت صحيح.
إن خطر هذه المواقع على الأطفال يطول ويطول ولا يمكن حده أو الاكتفاء بالحديث عنه، لذلك من الأفضل ألا يمتلك الطفل حسابًا خاصًا به على هذه المواقع وأن يتابعها مع والدته ووالده حتى يكون كل شيء تحت المراقبة.
لقد تحدثنا في مقال اليوم عن السوشيال ميديا وسلطنا الضوء بشكل أساسي على ميزات وعيوب مواقع التواصل الاجتماعي، نتمنى أن يكون المقال قد نال إعجابك وانتظرونا في مقال آخر إن شاء الله تعالى.