الأحد, سبتمبر 8, 2024
Homeتطوير الذاتخطوات بسيطة لتعيش بسلام داخلي

خطوات بسيطة لتعيش بسلام داخلي

خطوات بسيطة لتعيش بسلام داخلي

لا تبحث عن خطوات بسيطة لتعيش بسلام داخلي، فهذا المقال سيعطيك أفضل تلك الخطوات لتعيش بطمأنينة.

يراودك شعور دائم برغبة ملحة في إغماض عينيك والهروب من كل المجريات من حولك، تشعر بأنك ترغب بالانعزال التام عن العالم والجلوس مع نفسك، هناك قلق، وتوتر، وفزع داخلي لا تعرف السبيل للتخلص منه، تهاجمك أفكار تشتت روحك وحياتك. في الحقيقة أنت تفتقر للسلام الداخلي وتعيش بفوضى داخلية سأساعدك للتخلص منها.

نعيش نحن اليوم بزمن غريب، حيث جعلنا الإنترنت أقرب ما يكون من الآخرين، وأبعد ما يكون عن أنفسنا، نعيش في عالم السوشيال ميديا بمشاعر سريعة، ففي لحظة نتفاعل مع حدث حزين، ثم نضحك من منشور آخر، ونقلق من منشورٍ غيره، كل هذا التخبط يجعلنا غير مستقرين داخليًا، بالإضافة للضغوطات والهموم التي نعاني منها، وكل هذه الأمور تجعلنا نخوض رحلة طويلة بحثًا عن الاستقرار، لذلك إليك هذه الخطوات التي ستساعدك في الوصول إلى الاستقرار النفسي والسلام الداخلي.

خطوات لتعيش بسلام داخلي

التسليم لله: إن كنت ستحمل الدنيا على كتفيك وتمضي، فلن تتحرك حركة نحو الأمام، لذلك أنزلها عن كتفيك وأكمل طريقك وسلم أمرك لله حتى تستطيع مواجهة مصاعب الحياة. التسليم يكون بالتوكل التام عليه، والإيمان التام بقضائه وقدره، واستشعار أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. عندما يعيش الإنسان بحالة تسليم لله تعالى ورضا، يشعر بهدوء داخلي وطمأنينة، وهي السلام الداخلي الذي يبحث عنه، إن الأخذ بالأسباب لا يتعارض أبدًا مع التسليم، لأن مهمتك في الحياة هي البذل والسعي لا النتيجة، لذلك سلم همومك وأحزانك ومخاوفك لملك الملوك، الذي إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون.

الحديث الداخلي: إن الوقفة التي يتوقفها الإنسان مع نفسه عند كل موقف، وقبل اتخاذ أي قرار تجعله مطمئنًا داخليًا، حيث سيكون له علاقة خاصة مع ذاته يحاسبها ويتحدث إليها، يمدحها ويرشدها. هذا الحديث سيطهرها ويهدئها، ويساعدك في التحكم في المشاعر. فمثلًا في لحظات القلق من الامتحان يجب أن يخبرها أنها فعلت ما بوسعها وأنه راضٍ تمامًا عن سعيها، وأن القلق والتوتر سيخفضان من نتيجة الامتحان، ويقللان من فرص النجاح، عليه أن يهدئ نفسه بنفسه، ولكن هذا الحديث الداخلي لن يأتي في أوقات الشدة إن لم تتدرب عليه في أوقات الرخاء، لذلك اجعل لنفسك وقتًا خاصًا تغمض عينيك فيه وتبدأ بالحديث معها.

الرضى: صدق من قال “القناعة كنز لا يفنى” أن يكون الإنسان راضيًا بحياته، بمهنته، بشهاداته، ببيته، بعائلته، بطعامه، بكل ما يملك. هذه نعمة يفتقر إليها الكثير في زماننا، فأي سلام داخلي سيكون والانستغرام يضج بحياة المشاهير التي تبدو أقرب للخيال، والممتلئ بصور الفتيات اللواتي لا تخلو خليّة من أجسامهن من عمليات التجميل، فكل هذه المشاهد الخيالية تجعل الإنسان يشعر بالنقص، وكثرة مشاهدتها ستجعله يسخط على عطاء الله، ولا يشعر بالنعم المحيطة به، فلم يعد يكترث لتجمع العائلة إن لم يكن هذا التجمع في نيويورك، ولا لطعامه اللذيذ إن لم يتناوله في إيطاليا،.حيث فقدنا لذة اللحظات وجميل مشاعرها، كل هذه الأمور جعلت الحياة أكثر تعقيدًا، وشعور الإنسان بالنقص والقلة أفقده السلام الداخلي، فلا يأتي السلام الداخلي لشخص لا يستشعر بنعم الله عليه، فليس من الخطأ أن تسعى لحياة أفضل، ولكن في طريق سعيك كن راضيًا عن عطاء الله وعن نفسك، حتى تتخلص من الصراع بداخلك.

توقف عن لوم ذاتك: إن رحلة الحياة المبنية على هدف الوصول للكمال قد تجعل الإنسان ينسى للحظة ما أنه إنسان، فإذا أخطأ جلد ذاته، وعاش بلوم أبديّ لا نهاية له، وهذا الجَلد واللوم يجعله يحتقر ذاته، وقد يهينها أو يتوقف عن تطويرها أو الاهتمام بها، ظنًا منه أنه لا يستحق ذلك. لكن الإنسان المؤمن يكون موقنًا تمامًا أن الكامل لله وحده، وأن الإنسان من طبعه الخطأ والعصيان، وأن له رب غفور ينتظر صوت توبته، ويطهره من ذنوبه بمجرد عودته إليه. ولا يشترط أن يكون الخطأ ذنب مع الله، قد يكون الخطأ في مجال عمله، فمثلًا مهندس أخطأ وجاء من صحح له خطأه، إن الشخص المتصالح مع كونه إنسان علمه من الله تعالى سيتقبّل الأمر بصدر رحب، أما الشخص الذي ينسب العلم لذاته سيغضب ويكره نفسه ويعاقبها. لذلك إن كنت ترغب في الوصول إلى السلام الداخلي فتصالح مع فكرة أنك إنسان، وأن جميع البشر تخطئ وتصيب.

رتب حياتك: إن الفوضى وتراكم المهام والعشوائية تجعل الإنسان في حالة توتر وقلق دائمين، لذلك حاول ألا تكلف نفسك مهام فوق طاقتك، ولا تقوم بعملين في الوقت ذاته، وأعطي كل عمل حقه من الوقت والجهد، حتى تحصل على النتائج التي تطمح لها. حدد أولًا هدفك من الحياة، فبمجرد أن عرفت هدفك، استطعت أن ترتب أولوياتك، ويُفضل أن يكون بين يديك دائمًا دفتر صغير لترتيب المهام اليومية، أو استعن بمذكرة الهاتف، فتدوين المهام وتنظيمها حسب الأهم سيكون له دور فعال في تهدئتك وزرع السلام داخلك. وكن صادقًا مع نفسك بالمهام التي بإمكانك إنجازها اليوم، حتى لا تصل إلى نهاية اليوم وتبدأ بجلد ذاتك على تقصيرها وعدم إنجازها، فما تحتاجه بالحياة هي الهِمّة لا الهَمّ، لذلك ركز جيدًا واهدأ لتصل إلى ما تريد.

اخرج من الماضي: ألم تنتهِ بعد من أحزان الماضي وهمومه؟ ألم يحن الوقت لتعطي الحاضر فرصة للحياة؟ أعلم أن ما مررت به كان صعبًا وثقيلًا على قلبك، لكن إلى متى ستبقى واقفًا هناك؟ ما مضى قد انتهى، أزح عن قلبك غمامة الماضي، وتفاءل برب كريم رحيم وبعوضه الجميل الذي ينتظرك، حاول أن تصرف أفكارك عن تحليل مجريات الأحداث الماضية، وأشغله بالتخطيط لمستقبل مشرق، تعلم من أخطائك الماضية، ولكن لا تقف عندها دهرًا، لأن قطار الحياة يسير ولن ينتظرك، فقد جعل الله الإنجاز في الأرض حياة، فعندما تتم أداء مهمة ستشعر بأن الأرض لم تعد تتسع لك من السعادة والنشاط، فلماذا تحرم نفسك من هذا الشعور وتبقى في دائرة مخاوفك وحزنك؟ هل فشلت بالأمس؟ لا عليك ستنجح اليوم، هل تخلى عنك شخص عزيز؟ لا عليك سيعوضك الله بشخص لا تهون على قلبه، قم وانظر نحو الحياة، فالسعادة بانتظارك.

أغلق أذنيك: إن صوت العالم المحيط هو من أكثر العوامل التي تفقد الإنسان السلام الداخلي، حيث تتعالى الآراء حول حياتك، وتكثر الاقتراحات حول التعامل مع مشاكلك، وربما تكثر التنظيرات والتدخلات، فكل هذه الأصوات ستجعلك تعيش في ضياع وتشتت، لأنك لم تتعلم أن هذه الأصوات هي رأي وليست قرار، فأنت المسؤول الوحيد عن حياتك وعن قراراتك. إن لم تتمكن من زرع هذه الفكرة بداخلك، لن تتمكن من مواجهة كثرة الأصوات، فصحيح أنك لن تتمكن من تغيير الأشخاص من حولك، ولكن بإمكانك أن تضع حد لهم في التعامل معك، فعندما تنبع قوة داخلية من جوفك، لن يتمكن أحد من فرض رأيه عليك أو التدخل في خصوصياتك ومجريات حياتك، لذلك إن كنت تسعى للوصول إلى السلام الداخلي والاستقرار النفسي، عليك أن تكون صاحب قرار نفسك، وتغلق أذنيك عمن حولك، فلا ريب من أخذ استشارة إن اضطر الأمر، ولكن استشارة وليس قرار ملزم التنفيذ فيه، تذكر ذلك جيدًا.

ابتعد عن السلبيات: يصل الإنسان إلى مرحلة يشعر فيها بالاكتفاء من سماع المأساة والهموم، وهي حالة تشبه التخمة من الطعام، لأن لكل إنسان طاقة للتحمل، وعليه أن يراعي طاقته ويعترف بها. لذلك أنت لست مضطرًا لسماع جميع أحزان الأشخاص ومأساتهم، ولست مضطرًا لتكون بئر الهموم، فإن كنت حقًا ستقدم للشاكي حلًا فلا بأس، أما لو أنه من الأشخاص الذين اعتادوا الشكوى والتذمر من الحياة فلست بحاجة للجلوس معه، حارب الطاقات السلبية الخارجية والداخلية، وابحث عن الطاقات الإيجابية وتمسك بها، فابحث لنفسك عمن يحدثك عن كرم الله وعطائه، وعن المشاعر الروحانية التي يعيشها برضاه عن عطاء الله حتى ينتقل حاله إليك، وتتعلم العيش بسلام وهدوء وأن الأمر كله لله.

افهم الحياة: إن الإنسان الذي يعي معنى الحياة لن يجد صعوبة في التعايش مع تقلباتها، فإن أصابه خير حمد الله وعاش بسعادة، وإن أصابه ضر أو محنة صبر، فعلى الإنسان أن يعطي الحياة حجمها الحقيقي وهو اللاشيء، نعم اللاشيء، فلماذا كل هذا القلق والتوتر والحزن؟ إن الحياة دار ابتلاء، ولو كانت نعيم دائم فلسميت جنة! أخبرني الآن متى سيرى الله صبرك وأنت مع كل مصيبة تغضب وتفور، ومتى سيرى حمدك وفي كل ضيقة تتذمر وتشكو، ومتى سيرى توكلك وأنت في عسرة تتذمر وتقلق، إن معرفة قدر الحياة ومعناها سيزرع في جوفك الاستقرار والسلام، وعندما توقن بكل جوارحك أن الأمر كله لله.

عبر بصدق: إن إخفاء المشاعر يخلق في جوف الإنسان حالة من التوتر والقلق، لذلك حاول أن تعبر عن مشاعرك بوقتها، فإن أردت البكاء قم بذلك، وإن راودك شعور الحزن فعشه بكل تفاصيله، ولكن الأمر يتوقف هنا على سرعة التجاوز والتخطي، وألا يكون الحزن محطتك الأخيرة، عبر عن مشاعرك للآخرين، أخبر من تحبه بذلك، حاول أن تخرج جميع المشاعر من جوفك، لأن كتمها سيؤثر سلبًا عليك، هل تشعر برغبة ملحة بالصراخ؟ قم بذلك، فهذا الشعور دليل كتم طويل للمشاعر، لذلك عبر دائمًا حتى تصل إلى الاستقرار والسلام الداخلي، فهذا أحد سبل تطوير الذات والثقة بالنفس.

في الختام، أعتقد أنك حصلتَ على ما تريد من نصائح وخطوات حتى تعيش بسلام داخلي. وآخر ما أريد أن أقوله لك: الحياة لا تستحق كل هذا العناء، فعِش بسلام.

Sawsan Mohamed
Sawsan Mohamed
بدلًا من أن أقف بين طابور المتذمرين من الواقع العربي وتأخره، قررت أن أقدم بصمة للتغير من خلال حروفي، لعلّها تكون نورًا لمن يبحث عن العلم والفائدة. سوسن محمد؛ أحد كتّاب المحتوى الهادفين، والباحثين عن التميز والتألق، لينيرا لها هذا الدربَ السامي.
مقالات ذات صلة

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

- Advertisment -

الأكثر شهرة