تقنيات إدارة الوقت يجب أن تتعرف عليها
إن إدارة الوقت فرض على كل إنسان لأن وقت الإنسان محدود في هذه الحياة، لذلك عليه أن يسعى لاستغلاله بأكبر قدر ممكن ولن تتمكن من الوصول إلى أقصى درجات استغلال الوقت ما لم يكن لك جدول أو خطة تسير عليها، وقد تكون قد قمت بتجربة كافة الطرق التقليدية ولكنها لم تأتِ بنتيجة، لذلك ما رأيك أن تتعرف على بعض تقنيات إدارة الوقت والتي باتباعها سيُحدث فارقٌ كبير في وقتك.
هناك أشخاص يقومون بإنجاز كافة المهام المطلوبة لكن دون إتقان، وأشخاص آخرون يقومون بإتقان العمل على أكمل وجه لكن لا ينجزونه بالوقت المطلوب، فكلا الحالتان السابقتان فيها خلل يجب تصحيحه، فالحالة الأولى تحتاج للتمهل وإعطاء العمل حقه، والثانية تحتاج لمراعاة الوقت مع المحافظة على جودة العمل، والحقيقة أن الحالتين ينقصهما إدارة الوقت
ما هي أبرز تقنيات إدارة الوقت؟
تقنية بومودورو: لنفترض أن عليك مذاكرة عشرين صفحة وقد جهزت نفسك لذلك واستغرق منك الأمر خمس ساعات متواصلة، هل تعتقد أنك حققت بهذه الخمس ساعات إتقان كافٍ لتقديم الامتحان؟ لماذا إتقانك لأول صفحتين مختلف تمامًا عن الصفحات الباقية؟ السر يكمن في الإجهاد، فالدماغ كالعضلات يصيبه الإرهاق إن تم استخدامه لفترات طويلة دون أي راحة، ففي بداية المذاكرة يكون دماغك حيويًا وبنشاطه الكامل وبعدها يبدأ بالتعب والإرهاق وبالتالي سينخفض إنتاجه، من هنا جاءت فكرة بومودورو، إذ إن هذه التقنية ستساعدك على جعل دماغك متجدد النشاط خلال أداء مهمتك وفكرتها كالتالي:
تقوم بتقسيم كل جزء من مهمتك إلى أربعة أقسام، كل قسم سيتم إنجازه بمدة 25 دقيقة، وبين كل قسم والآخر هناك استراحة مدة خمس دقائق.
بعد الانتهاء من الأجزاء الأربعة تأخذ استراحة مدة نصف ساعة ثم تعاود الأمر مرة أخرى.
الاستراحات القصيرة لا ينصح بها بتغيير المكان حتى لا تتشتت أو تخرج من دائرة التركيز، أما استراحة نصف الساعة فينبغي أن تغير بها مكانك حتى يتجدد نشاط جسمك كاملًا.
بهذه الطريقة عند كل 25 دقيقة سيكون دماغك نشطًا وكأنك بدأت الآن، لذلك مهما كانت مهامك متعددة، جرب تقنية بومودورو لإدارة الوقت، وستلاحظ تنظيمًا وإتقانًا وسرعةً بالإنتاج، ولا تنسَ أهمية استخدام المؤقت حتى تكون دقيقًا.
تقنية صندوق أيزنهاور : ننصح الأشخاص دائمًا بأن يقوموا بتحديد الأولويات ليتمكنوا من تنظيم الوقت، لكن هل تحديد الأولويات سهل لهذه الدرجة؟ سيساعدك استخدام صندوق أيزنهاور على فهم درجة أهمية مهامك والمفاضلة بينها، فقد تم تقسيم المهام على النحو التالي:
- عاجل وهام (فرض)
- غير عاجل وهام (سنة مؤكدة)
- عاجل وغير هام (مندوب)
- غير عاجل وغير هام (نافلة)
حتى يسهل عليك فهم الأولويات سأعطيك هذا المثال:
لو أنك معتاد على أن تصلي صلاة الظهر على النحو التالي: أربع ركعات سنة قبلية، وأربع ركعات فرض الظهر، وأربع ركعات سنة بعدية وركعتين لله تعالى وبقي لأذان العصر خمس دقائق وأنت لم تصلِ إلى الآن، فكيف ستصلي؟ من المنطق أن تبدأ بالفرض أولًا ثم تنوي السنة القبلة لأنها سنة مؤكدة وإن بقي وقت ستصلي السنة البعدية ومن ثم الركعتين، وهكذا يجب أن تتعامل مع جميع مهامك دائمًا، سيكون لديك فروض وسنن والسنن لها أنواع وأهميات.
فمثلًا ممارسة الرياضة أمر مهم، ولكنه غير عاجل، لذلك يعتبر سنة مؤكدة، أما متابعة الفيسبوك فهو غير مهم وغير عاجل ففي حال كنت مضغوطًا بالعمل وليس لديك متسع من الوقت بإمكانك الاستغناء عنه وهكذا.
هذه التقنية تحتاج منك فهم عميق للمهام وتصنيفها بشكل واضح وصادق حتى تتمكن من إنجارها.
تقنية إنجاز الأمور (GTD): هناك بعض الأشخاص تكمن مشكلتهم الأساسية في التوتر الناتج عن كثرة المهام وتراكمها، وهذا التوتر يعيقهم من إنجاز الأعمال ويتركهم في دائرة القلق، ومن هنا جاءت فكرة تقنية إنجاز الأمور، التي تهدف إلى تقسيم المهام الكبيرة إلى مجموعة مهام صغيرة وتحديد وقت لانجازها، فبدل أن تقول أن لدي 12ساعة لتسليم العمل قل لدي ساعة لإنجاز هذا القسم من العمل وبعد إنجازه تنتقل لإنجاز القسم التالي وهكذا إلى أن يتم إنجاز العمل كاملًا، هذه الطريقة تخفف الضغط بشكل كبير وتجعلك أسرع إنجازًا وأكثر إتقانًا.
نظرية جرّة المخلل: الفكرة هنا هي بتشبيه الوقت بالجرة، وأنّ ما تقوم بوضعه ضمنها سيجعلها ممتلئة، فلو أننا قمنا بملئها بالحجارة الكبيرة أولًا ثم الصغيرة ثم الرمل سنلاحظ أنها قد اتسعت لجميعها، أما لو قمنا بملئها بالرمل فقط فلن يكون هناك متسع للحجارة أبدًا، والأمر ذاته في الوقت، فلو قضيته على الأمور الصغيرة والثانوية فلن تجد مستعًا لإنجاز المهام الكبيرة، أما لو أنك قمت بإنجاز المهام الكبيرة فستجد وقتًا ضمن الاستراحات لممارسة النشاطات الصغيرة، وربما التشبيه الأمثل لاسمها هو أنك لو قمت بملئ الجرة بالخيار لصنع المخلل، ستجد مكانًا للماء، أما لو أنك ملأتها بالماء فورًا فلن تجد مكانًا للخيار، وقِس كل الأمور على النحو هذا.
تقنية أكل الضفدع: تعتمد هذه التقنية على تصورك أنك ستكون مضطرًا كل يوم لتناول ضفدعًا حيًا بالوقت الذي تريده، فلو أنك اخترت تناوله في الصباح ستنزعج في البداية ثم تقضي باقي اليوم مرتاحًا، أما لو أنك اخترت تناوله في المساء فستقضي يومك قلقًا من تناوله ومنزعجًا وبالتالي خسرت يومك كله، والفكرة هنا تأتي من تشبيه أكل الضفدع بمهامك الصعبة، فلو أنك قمت بإنجازها أول الصباح لأكملت يومك مرتاحًا، أما لو أجلتها للمساء ستقضي يومك قلقًا ولا أعتقد أن مهامك أشد صعوبة من تناول ضفدعًا حيًا!!
تقنية باريتو: ذكر العالم الإيطالي فيلفريدو باريتو Vilfredo Pareto أن 80٪ من النتائج الموجودة أمامك سببها 20٪ من الأسباب التي قد قمت بها، وفكرته تكمن في البحث عن الأسباب لمعالجتها عند وجود مشكلة، لكن كيف ستساعدك هذه النظرية في إدارة وقتك؟ ركز معي جيدًا
عليك أن تجلب ورقة وقلم وتسجل فيها المشاكل التي تواجهك والبدء بتسجيل كل الأسباب التي أدت لهذه المشكلات وجمع المشاكل التي تشترك بنفس الأسباب في مكان واحد، والمشاكل التي تحتوي على مشاكل أكثر يتم معالجتها اولًا وهكذا.
تقنية قانون باركنسون: يعتمد هذا القانون على إيصال فكرة عميقة جدًا، مضمونها أن الوقت المتاح للمهمة هو الوقت الذي سيتم فيه إنجاز المهمة، فلو أنك فتحت المجال أمام المهمة وتركت الوقت حرًا، فلن تنهي المهمة أبدًا، ولو أنك حددت لها إلى منتصف الليل ستنهيها في منتصف الليل، ولو حددت إنهائها بعد الظهيرة ستنهيها بعد الظهيرة، فالمهمة هي ذاتها لكن حصر نفسك بوقت محدد هو ما سيحدد سرعة إنجازك.
هذا القانون مهم جدًا عند تنظيم إدارة الوقت لأعمالك، لأنه ينبغي عليك أن تحدد موعد إنجاز كل مهمة، ولو أنك وضعت وقت إضافي تجنبًا لحصول أحداث خارجية لحصلت هذه الظروف. إذًا أنت من تحدد سرعة إنجاز المهام بحصرها بوقت محدد ومنطقي.
تقنية التخطيط السريع: هناك الكثير من الأشخاص يمتلكون أهدافًا وأحلامًا طويلة الأمد لا يمكن إنجازها بيوم أو شهر، لذلك تعد تقنية التخطيط السريع مفيدة جدًا لهم، حيث تعتمد على تقسيم الأهداف طويلة الأمد إلى أهداف صغيرة أو قصيرة حتى يتمكن الشخص من تحديد الزمن اللازم للوصول إلى هدفه، فمثلًا لو كان هدفك هو أن تتقن اللغة الألمانية، عليك أن تحسب عدد الكورسات التي تحتاجها للوصول إلى مرحلة الإتقان وتحديد المدة الزمنية التي سيستغرقها كل كورس، وبذلك ستعرف الوقت اللازم للوصول إلى مرحلة الإتقان والجهد اليومي والأسبوعي المطلوب منك، وبذلك لن تشعر أن حلمك مستحيلًا لأن الحل والخطة موجودة أمامك.
تقنية سكروم: هناك الكثير من الأشخاص الذي يضعون برامجًا ناحجة ويسيرون وفقًا لها، لكن بمجرد حصول أي عارض يسبب خللًا بالبرامج يعتبرون البرنامج فاشلًا ويمزقونه وربما يصيبهم اليأس، وأكثر الأشخاص عرضةً لذلك هم طلاب المدارس، لذلك عليك أن تقوم بصناعة برنامج لإدراة الوقت مرن، حتى تتمكن من تعديله عندما يتطلب الأمر منك ذلك، وهذا ما تنص عليه تقنية سكروم التي تهدف لجعل تنظيم الوقت مرنًا وتخلص الشخص من التوتر والقلق الدائم حيال عدم قيامه بإنجاز البرنامج بشكل كامل.
إن كل تقنيات إدارة الوقت السابقة لم أقم بشرح سبب تسميتها رغم غرابة أسمائها، ولم أذكر الدافع من تكوين هذه التقنية لأن ما يهمك بها هي إدارة الوقت فقط.
إن لم يكن بداخلك صوت قوي يحثك على إدارة الوقت وعدم تضييعه، فجميع التقنيات السابقة لن تفي بالغرض، لأن الدافع الأساسي يجب أن يكون داخليًا.
نهايةً أحب أن أذكرك أن مدة وجودك في الحياة محدودة، لذلك حاول أن تغتنم ساعات عمرك بأقصى قدر ممكن بما هو مفيد لك ولأمتك ولا تضيع الوقت بالملهيات وتعلم كيفية إدارة الوقت.