عندما نتحدث عن مدى التطور الذي يشهده مجال الذكاء الاصطناعي في عالمنا الآن، نرى أنه من المنطقي أن يكون له تأثير مباشر على حياتنا. حيث إنه غير مقتصر على المجالات العلمية البحتة فقط، بل تعدى ذلك ليدخل في تفاصيل حياتنا اليومية.
فبعدما تحدثنا عن ما هو الذكاء الاصطناعي وما هي فروعه ضمن سلسلة (الدليل الشامل للمبتدئين في الذكاء الاصطناعي)، جاء الوقت الآن لمعرفة ما هي استخدامات الذكاء الاصطناعي في حياتنا، والتي سنتحدث عنها في هذا المقال.
استخدامات الذكاء الاصطناعي في حياتنا
لقد أثر التطور التكنولوجي الذي شهده مجال الذكاء الاصطناعي على الكثير من جوانب الحياة خلال السنين الأخيرة الماضية، لهذا أصبحت الكثير من الأمور التي تخيلناها أو شاهدناها في أفلام الخيال العلمي حقيقة.
فالروبوتات وأجهزة الحواسيب العملاقة والكثير من التطبيقات التفاعلية، أصبحنا نراها في معارض التكنولوجيا ونتعامل معها في الكثير من الأمور الحياتية والتعليمية.
ولكن بعيداً عن التحدث عن التطبيقات التي نقوم بتحميلها ونستخدمها يومياً على أجهزتنا الإلكترونية المختلفة، سنتحدث فيما يلي عن استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجالات أكثر تأثيراً على تطوير حياة البشرية ككل.
حيث لن يقتصر حديثنا عن استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال الترفيه فقط، ولكن سنتطرق للحديث عن مدى تأثيره في مجالات أكثر أهمية مثل: التعليم والطب والإنتاجية وغيرها.
الذكاء الاصطناعي في الرعاية الطبية
استطاع الذكاء الاصطناعي أن يكون يداً مساعدة للإنسان في المجال الطبي، من خلال استخدامه في عمليات التشخيص والعلاج وحتى في العمليات الجراحية الحساسة. فالمعدات الجراحية الروبوتية ساعدت الجراحين على إجراء الكثير من العمليات الجراحية الدقيقة بشكل أفضل من ذي قبل، وأدت إلى تقليل الأخطاء والمخاطر أو المضاعفات المرتبطة بهذه العمليات.
بالإضافة إلى ذلك جعلت استخدامات الذكاء الاصطناعي العمل الإداري الطبي أكثر كفاءة، وذلك باستخدام هذه التقنية في مهام المكاتب الخلفية الخاصة برعاية المرضى والموظفين على حد سواء. وذلك من خلال أتمتة العمل الإداري وتقليل أخطاء الجرعات ومشاكل الاحتيال وغيرها من الأمور.
ومن أهم المجالات التي يتم فيها استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب والرعاية الصحية استخدامه في:
- تحليلات الرعاية الصحية: من خلال استخدام البيانات المرتبطة بتاريخ الأمراض للحصول على رؤى وتنبؤات يمكنها تحسين النتائج الصحية.
- الطب الدقيق: الحصول على خطط علاج أكثر فعالية للمرضى بناءاً على بيانات مرتبطة بتاريخهم الطبي والعوامل المحيطة بهم من البيئة ونمط الحياة والتركيب الجيني.
- توقع الأمراض: من خلال تحليل البيانات الخاصة بالأشخاص، والتي من خلالها يمكن التنبؤ باحتمالية إصابتهم بأمراض معينة.
- تحليل الاختبارات والصور التشخيصية: حيث يتم تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على تفسير الفحوصات الطبية مثل: صور الرنين المغناطيسي والأشعة السينية وإعطاء تشخيصات للأمراض الفتاكة بدقة أكبر مثل الأنواع المختلفة من السرطانات.
ولأن العمل ما زال مستمر في تطوير الذكاء الاصطناعي، فالمستقبل ينبئ بزيادة استخدامه لإيجاد حلول تقنية أكثر فعالية وتطور في تحسين المجال الطبي بشكل أكبر.
الذكاء الاصطناعي في التعليم
مما لا شك فيه التأثير الكبير للذكاء الاصطناعي على قطاع التعليم، حيث أن قدرته على معالجة الكثير من التحديات التواجه التعليم في وقتنا الحالي، ساعدت على إيجاد حلول تحسن من عمليات التدريس والتعلم وتساهم في إحداث تطور ملحوظ وسريع في الرقي بالمستوى التعليمي للأفراد.
لقد كان لجائحة كورونا أثر كبير على إدخال تقنيات واستخدامات الذكاء الاصطناعي إلى المجال التعليمي بشكل واسع وفي وقت قصير، لهذا أصبح التعليم عن بعد مستخدم الآن بشكل كبير حتى بعد انتهاء الإغلاقات التي شملت معظم دول العالم.
وهنا يجب ألا نتغاضى عن الفوائد التي عادت على الطلاب والمعلمين على حد سواء، من خلال استعمالهم للذكاء الاصطناعي في تسيير أعمالهم المختلفة. ومن بين أهم هذه الفوائد:
- إمكانية الوصول إلى المصادر التعليمية في أي وقت ومن أي مكان بكل سهولة ويسر.
- أتمتة المهام وحفظ السجلات والاختبارات، حيث لا يخفى على الجميع الوقت الذي يهدر من المعلمين في إتمام الأعمال الإدارية من التخطيط للدروس والاختبارات والتقييمات وغيرها. لهذا من خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي يستطيع المدرسون توفير هذا الوقت المهدر في التركيز على رفع كفاءة العملية التدريسية، وإيجاد حلول أكثر فعالية تساعد الطلاب في عملية التعلم.
- روبوتات المحادثة والتي ساعدت في توفير إجابات على الأسئلة المتداولة، إضافة إلى توفرها وإمكانية استخدامها في أي وقت ومكان.
- إمكانية تصميم أو تعديل برامج تعليمية مخصصة تبعاً لقدرات كل طالب، ووفق أهداف معينة يحددها المعلم.
- إمكانية الحصول على دروس خصوصية من خلال المعلمين الافتراضيين وروبوتات المحادثة، وعلى الرغم من أن الروبوتات لن تستطيع أن تحل مكان المعلم، إلا أن هذه أدوات يمكنها أن تساعد على صقل مهارات الطلاب وتحسين نقاط الضعف لديهم.
الذكاء الاصطناعي في التجارة الإلكترونية
تعتمد التجارة الإلكترونية على الإنترنت، لهذا فهي لصيقة بطبيعة الحال بتقنيات التكنولوجيا المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. ولهذا نرى أثرها واضحاً على هذا القطاع من الأعمال من خلال:
- توصية المنتجات للعملاء.
- خدمة العملاء والمساعدين الافتراضيين.
- الكشف عن الاحتيال.
- إدارة المخزون.
- سياسات التسعير.
ولهذا فالذكاء الاصطناعي مفيد للأعمال التجارية، لأنه يعمل على زيادة المبيعات من خلال الحصول على عدد أكبر من العملاء. بالإضافة إلى إدارة خدمة العملاء بشكل أكثر كفاءة وسرعة.
إلى جانب ذلك فإنه يساعد على تقليل تكاليف العمالة وتسريع العمليات التشغيلية، من خلال أتمتة هذه العمليات والتي تتضمن: إرسال الرسائل البريدية وتنفيذ الطلبات ومعالجة عمليات الدفع وغيرها من الأمور الإدارية.
الذكاء الاصطناعي في زيادة الإنتاجية
من خلال حديثنا السابق عن ما هو الذكاء الاصطناعي، فإن الهدف من تطويره هي مساعدة الإنسان في المهام الصعبة التي تستهلك وقته وطاقته. لهذا فإن أكبر تأثير لهذا الذكاء على الإنسان يظهر بشكل واضح في زيادة إنتاجيته، من خلال استغلال الوقت المستهلك في عمل المهام الروتينية في إنجاز أعمال أخرى أكثر أهمية وقيمة لحياته.
ولأن تطور الذكاء الاصطناعي أصبح سريع بدرجة كبيرة، فإننا نرى أدواته متاحة بشكل كبير على الإنترنت سواء بشكل مجاني أو مدفوع. وهذا ساعد أي شخص على دمج سير عمله بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بعدد لا نهائي من المهام والأنشطة التي تساعد في زيادة إنتاجية أي شخص، والتي منها:
- المهام الإدارية: يعمل الذكاء الاصطناعي كمساعد شخصي في الأمور الإدارية، والمتمثلة في جدولة الاجتماعات وإدارة رسائل البريد الإلكتروني الروتينية وتنظيم المواعيد وغيرها من الأمور الإشرافية.
- تخطيط وإدارة المشاريع: رغم أن هذا المثال لا يمكن الاعتماد عليه بشكل مطلق لكن قد يكون استخدام أدوات مثل ChatGPT، يعد طريقة فعالة لإعداد خطة لإدارة مشروع معين. ولكن يجب الانتباه هنا من ضرورة إدارة المواقف غير المتوقعة بتدخل بشري. فمهما بلغ تطور الذكاء الاصطناعي لكنه يبقى محصور حالياً في إدارة المواقف الروتينية.
- تحليل البيانات: من خلال حديثنا السابق عن فروع الذكاء الاصطناعي وطريقة عمل كل فرع منه، فإن هذه المهمة تعد من أهم المهام التي يستخدم فيها هذا الذكاء. حيث يساعد تحليل البيانات من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي على تحديد الاتجاهات والتنبؤ بالنتائج المستقبلية بشكل فعال.
- البحث: إن لواجهات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT على سبيل المثال، دور فعال في تسهيل عمليات البحث وجمع المصادر وتلخيص المعلومات. لهذا فإن استخدامه يعتبر خطوة جيدة في الحصول على المعلومات بطريقة أسرع، ولكن مع مراعاة التأكد من مدى مصداقية المصادر التي يتم إعطائها في نتائج البحث عليه.
- الكتابة: يزخر الإنترنت حالياً بعدد لا حصر له من الأدوات التي تساعد في المجال الكتابي من أدوات كتابة المحتوى وتشكيل هيكله وتصحيحه، وصياغة التقارير وتحسين جودة الكتابة مثل: Grammarly وQuill وغيرها الكثير.
استخدامات أخرى للذكاء الاصطناعي
في السطور السابقة عرضنا أهم استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجالات مهمة باستفاضة بعض الشيء، ولكن المجالات التي يستخدم فيها هذا الذكاء أكثر من ذلك بكثير ولا يمكن حصرها في مقال واحد. حيث أن استخداماته تشمل مجالات أخرى مثل:
- الترفيه.
- المنازل الذكية وإنترنت الأشياء.
- وسائل التواصل الاجتماعي.
- الاتصالات.
- الأجهزة الذكية الشخصية.
استطاع الذكاء الاصطناعي أن يفرض نفسه على حياتنا، حتى وإن كنا رافضين أو غير مهتمين به. فلا تخلوا هواتفنا الذكية من واحدة أو أكثر من أدواته، والتي نستعملها يومياً حتى دون وعي منا بأنها واحدة من تقنيات هذا الذكاء.
وفي النهاية نتمنى أن نكون قد استطعنا تغطية جزء من ما هي استخدامات الذكاء الاصطناعي في حياتنا، وأن تكون هذه السلسلة على موقعنا Dropshipping-Arabia.com، تقدم فائدة للقراء للاطلاع بعين فاحصة أكثر على هذا المجال من العلم.