في وقتنا الحالي نشهد تطوراً كبير في كافة المجالات التقنية التي تحيط بحياتنا يوماً بعد يوم، ومن بين أهمها التطور الذي يشهده مجال الذكاء الاصطناعي. حيث أصبح مصطلح (Artificial Intelligence) هو الأكثر تداولاً بين كافة فئات المجتمع، فلم يقتصر الحديث عنه بين المتخصصين في المجال التقني فقط بل تعدى ذلك الحديث عنه بين أكثر الناس بساطة وأقلهم عمراً.
لهذا نجد أن الحاجة لإعطاء تعريف واضح وأكثر دقة عن الذكاء الاصطناعي أصبح واجباً ملحاً، وذلك بعيداً عن الكثير من الأقوال والشروحات التي لا تغطي سوى جزء بسيط جداً عن أهميته وحاجتنا إليه. بالإضافة إلى توضيح مدى تأثيره على الكثير من مجالات الحياة، والتي يسعى هذا الذكاء إلى تحسينها بشتى الطرق لو تم استخدمه بشكل صحيح.
في هذه السلسلة ومن خلال موقعنا Dropshiping-Arabia، ارتأينا أن نستعرض الكثير من الأمور التي تحيط بهذا المجال الواسع في مجموعة من المقالات ضمن سلسلة (الدليل الشامل في الذكاء الاصطناعي للمبتدئين).
ما هو الذكاء الاصطناعي؟
لكي نبدأ في فهم الذكاء الاصطناعي يجب علينا أولاً أن نعرف ما هو تعريف الصحيح له؟ حيث إن التعريف التقني للذكاء الاصطناعي هو مجموعة السلوكيات والخصائص التي تعطي البرامج الحاسوبية القدرة على محاكاة القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها مثل: التعلم والاستنتاج وإعطاء ردود الأفعال مختلفة.
قد يبدو التعريف أكثر صعوبة في فهمه من المصطلح نفسه، ولكن دعنا نعرف الذكاء الاصطناعي بطريقة أكثر سلاسة مع الاحتفاظ بالدقة لنستطيع فهمه بطريقة أفضل.
الذكاء الاصطناعي هو عبارة عن البرامج الحاسوبية التي تستطيع أن تقوم بأداء مهام معقدة، كانت تعتمد بشكل أساسي على الإنسان فقط من خلال القيام بالتفكير واتخاذ القرارات وحل المشكلات.
ورغم ذلك فإن مفهوم هذا الذكاء ومع مرور الأيام أصبح أكثر تواجداً، وذلك من خلال دخوله في الكثير من الخدمات والسلع التي نعتمد عليها في حياتنا اليومية. فلا يخفى علينا وجود تقنيات الذكاء الاصطناعي في التطبيقات التي نستخدمها بكثرة على هواتفنا الذكية، وكذلك في روبوتات الدردشة التي تقدم الدعم للعملاء على المواقع والمتاجر الإلكترونية وغيرها الكثير من النشاطات اليومية المختلفة.
تاريخ الذكاء الاصطناعي
يعد الخيال العلمي مصدر إلهام للبشرية منذ العصور الأولى، فالتفكير في الأمور غير الموجودة يدفع الإنسان دائماً إلى السعي وراء تحقيق ما يراه في خياله. وهذا ما حصل بالفعل مع بدء التفكير في وضع أسس تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ففي النصف الأول من القرن 20 شغلت فكرة اختراع الروبوتات الكثير من العلماء، وظهرت في العديد من أفلام الخيال العلمي التي عرضت نماذج لها. ومنها فيلم الساحر أوز (The Wizard of Oz) وذلك من خلال ظهور روبوت الرجل الآلي بالجسم المعدني.
استطاع العديد من العلماء وعلماء الرياضيات والفلاسفة بحلول عام 1950 من البدء بتأسيس مفهوم الذكاء الاصطناعي. وكان من أهمهم العالم آلان تورنيج الذي كان عالم رياضيات بريطاني.
بداية رحلة Artificial Intelligence
اقترح تورنيج أن يتم الاستفادة من الآلات في فعل أمور مشابهة لتفكير البشر، وذلك من خلال استخدام المعلومات المتاحة لحل المشكلات واتخاذ القرارات. ولشرح فكرته بشكل أكثر وضوحاً قدم ورقة بحثية تحت عنوان (آلات الحوسبة والذكاء) في عام 1950، ناقش فيها كيفية بناء آلات ذكية مع شرح كيفية اختبار ذكائها.
ولأن ما طرحه تورينج كان جديد في عصره واجهته العديد من المشاكل، التي وقفت عقبة في طريق تقدم مشروعه، ومن هذه المشاكل:
1- عدم قدرة أجهزة الحاسوب في عصره على تخزين الأوامر، حيث اقتصر دورها على تنفيذ الأوامر التي تعطى لها في إطار لحظي.
2- الكلفة الباهظة لأجهزة الحواسيب.
هذه الأمور عملت على بطأ في تطبيق ما دعا إليه تورينج، ولكن بعد 5 سنوات استطاع العلماء ( ألين نيويل وكليف شو وهربرت سيمون) أن يبتكروا برنامج يعرض فكرة تورينج، من خلال نموذج (Theorist Logic) الذي كان مصمم ليحاكي مهارات حل المشكلات الموجودة لدى الإنسان.
في الأعوام العشرين اللاحقة أي من عام 1957 وحتى عام 1974، حدث تطور كبير في مجال الذكاء الاصطناعي، وهذا ظهر بشكل واضح من خلال إنتاج أجهزة حواسيب تعمل على تخزين المعلومات، مع المزيد من المزايا التي تمثلت في زيادة سرعة معالجتها للبيانات وانخفاض أسعارها بالمقارنة مع الفترة السابقة.
هذا تطور جعل الكثير من المستثمرين يدعمون الجهات العلمية، وذلك من خلال ضخ المزيد من الأموال لتطوير البحث العلمي في هذا المجال. وفي الفترة من عام 1982 إلى عام 1990 تم تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي بما مجموعه 400 مليون دولار، وذلك لتطوير أنظمة الحواسيب لمعالجة البيانات وتنفيذ البرمجة المنطقية.
تعرف الناس على الذكاء الاصطناعي
ومن المفارقات التي كانت لها أثر كبير في توضيح مفهوم (الذكاء الاصطناعي) لدى الناس، ما حدث في عام 1990 عندما استطاع برنامج الشطرنج Deep Blue من شركة IBM الفوز على بطل العالم في هذه اللعبة غاري كاسباروف، في المباراة التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة.
ولاحقنا تطور مجال الذكاء الاصطناعي بشكل كبير وسريع، من خلال التخلص من الكثير من العوامل التي كانت تعيق تطور هذا المجال. فلم تعد مشكلة تخزين البيانات في الحواسب وسرعة معالجتها تؤرقنا، بل تعدت القدرات التي استطاعت الحواسيب القيام بها ما توقعناه بكثير.
تأثير الذكاء الاصطناعي على حياتنا
في وقتنا الحاضر أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فتأثيرها موجود بشكل واضح على كافة الأنشطة التي نقوم بها من تنقل إلى تسوق وحتى ونحن نتسلى بتصفح مواقع الإنترنت المختلفة.
وهذا الأثر يظهر من خلال تأثيرها على السلوكيات التي يوجهنا لها هذا الذكاء، من خلال تأثيره علينا في التخطيط والبحث عن المعلومات واتخاذ القرارات المختلفة.
حتى وإن كان الأمر غير مباشر لكن من خلال نشاطاتك المختلفة على الأنترنت يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل سلوكك، ويعمل كمساعد افتراضي لك من خلال تقديم أفضل الحلول التي ترغب بها وتتلاءم مع تفضيلاتك.
وهذا ما نراه جلياً في الإعلانات التي تظهر لك على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، التي تكون في الغالب لأمور تبحث عنها أو تفكر فيها أو حتى تلائم نمط حياتك.
ومع هذا فإن تأثيره اليوم لم يتوقف على الأمور المتعلقة بالنشاطات اليومية التي تخدمك على المستوى الشخصي فقط، بل تعدى ذلك ليتسع مدى الاستفادة من تقنيات هذا الذكاء في المجالات الطبية والمالية والتعليم والنقل والأعمال وحتى في مجالات الترفيه.
كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي؟
استطاع الذكاء الاصطناعي من خلال الحلول التي يقدمها أن يفرض نفسه على حياتنا بشكل كبير، فالحلول التي تقدم من خلاله زادة من كفاءة حياتنا وحسنت من نوعيتها، إلى جانب أنها وفرت الكثير من الوقت والجهد والمال المبذول للحصول على نفس النتائج المرجوة.
ومع هذا تبقى الطريقة التي يتبناها الإنسان في استخدامه للذكاء الاصطناعي هي ما تجعل هذا التأثير ايجابي أو سلبي. فالاستخدام الصحيح للذكاء الاصطناعي سيساعد على تحقيق أفضل الأمور التي ترتقي بالبشرية، وسوء الاستخدام لهذه التقنيات ستحول حياتنا إلى شقاء.
وفي الختام، عرضنا لك في هذا المقال بعض المعلومات عن الذكاء الاصطناعي، التي تضمنت تعريف بما هو هذا الذكاء وتاريخه، إضافة إلى تأثيره علينا اليوم.
وفي المقالات القادمة في سلسلة (الدليل الشامل في الذكاء الاصطناعي للمبتدئين) سنعرض لك المزيد من المعلومات التي ستفيدك في فهم هذا المجال التقني الواسع.