يساعد التحول الرقمي في التعليم في زيادة كفاءة المعلومات والخدمات بين جميع أطراف العملية التعليمية. فضلاً عن المرونة في التعامل، وهذا ما برز أهميته بقوة في ظل جائحة كورونا حيث شعر قادة التعليم وصناع السياسات بضرورته. نستعرض أدناه مفهوم التحول الرقمي في التعليم وأهميته وفوائده وسلبياته، وتأثيره وكيفية الاستفادة منه. كما نتطرق إلى المكونات والتقنيات المطلوبة لإحداث تغيير تحويلي رقمي ناجح، والتحديات التي قد تعترض ذلك.
مفهوم التحول الرقمي في التعليم
التحول الرقمي في التعليم هو عملية تطبيق التقنيات والحلول الحديثة في العمليات التعليمية بهدف تعزيز خبرات التعلم والتدريس لكل الأطراف المعنية من طلاب ومعلمين. فهو يوفر ظروف عمل أفضل ويسمح بالتواصل والتعاون المبسط بين المعلمين والطلاب، كما يحسّن العمليات الإدارية الداخلية. فضلاً عن كونه يعزّز الأمن في الحرم الجامعي، إضافةً إلى فوائد أخرى نستعرضها في الفقرة التالية.
فوائد التحول الرقمي في العملية التعليمية
يعود التحول الرقمي في العمليات التعليمية بمجموعة من التغييرات والفوائد الإيجابية لكل من الطلاب والمعلمين. بما يتضمن: إمكانية الوصول للجميع، والتعلم المخصص، وتوفير للآباء والمعلمين رؤى أوضح حول أداء الطلاب لمساعدتهم على التطور والتفوق الأكاديمي. إليك التفاصيل:
تتبع أداء الطلاب
تساعد التكنولوجيا في قطاع التعليم المعلمين وأولياء الأمور على متابعة تقدم الطلاب بشكل أفضل. فمن خلال رقمنة أعمال الطلاب يستطيع المعلمين مقارنتها لمعرفة من يتحسن ومن يحتاج إلى مساعدة إضافية، مما يساعد على فهم أداء كل طالب بشكل أفضل.
نتائج محسنة باستخدام تحليلات دقيقة للبيانات
يستطيع كل من المدارس والجامعات تحليل بيانات الطلاب التي يتم جمعها عبر استخدامهم للتكنولوجيا في الفصل الدراسي لتتبع الأداء وتحسين النتائج. ممّا يساعد المعلمين على فهم الاحتياجات المحددة للطلاب والفصول الدراسية بشكل أفضل.
تجربة التعلم التعاوني
أصبح التعاون بين الطلاب والمعلمين أسهل من خلال التعلم الرقمي، إذ يمكن للمدرسين إنشاء المجموعات وإدارتها بسهولة باستخدام المنصات التعاونية. بما يتضمن: Google Docs وTwiddla وEdmodo فهي تسهل على الفرق المشاركة سواء كانت قريبة أو بعيدة في تأليف المستندات والعروض التقديمية.
التواصل الأقوى بين المعلم وأولياء الأمور
تساعد الرقمنة مشاركة الآباء في التقدم الأكاديمي لأطفالهم، إذ تسمح الأتمتة الرقمية بتسليم تقارير التقدم والحضور لأولياء الأمور إلكترونيًا.
توفير الوقت
كما هو معروف تفتقد عدة مدن إلى وسيلة نقل متطورة، بالتّالي قد يحتاج الطلاب قضاء ساعات في التنقل للوصول إلى مؤسساتهم التعليمية. في حين يساعد التحول الرقمي على توفير الوقت، بالتّالي يستطيع الطلاب حتى في المناطق النائية في البلاد التعلم عبر موقع ويب أو قناة تلفزيونية.
الشمولية وإمكانية الوصول للجميع
تساعد التقنيات الرقمية المتطورة المتعلمين حول العالم الوصول إلى المواد والموارد التعليمية أو الانضمام إلى دورة تدريبية عبر الإنترنت أو برنامج تدريبي.
ومن الجدير بالذكر أن التقدم التكنولوجي مثل تحويل النص إلى كلام وتحويل الكلام إلى نص نجح في إزالة الحواجز أمام الطلاب ذوي الإعاقة، وبالتالي تمكين أي شخص من الانضمام إلى العملية التعليمية.
إمكانية التعلم الشخصي
تسمح التقنيات الرقمية للطلاب بالتعلم بالسرعة والوقت الذي يناسبهم، كما توفر لهم إمكانية الجمع بين المواد التعليمية من مختلف المصادر.
مشاركة أكبر
تسمح التقنيات الرقمية للمعلمين بتقديم طرق أكثر جاذبية للطلاب، كما تعمل على تعزيز أداء التعلم وتوفير الوقت في المهام الإدارية. بما يتضمن: اللوحات البيضاء التفاعلية، والأجهزة اللوحية، والفصول الذكية، وأجهزة العرض، وروبوتات الدردشة، والواقع المعزز/الواقع الافتراضي، والبرامج التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.
كما يستطيعون إنشاء مجموعات وإدارتها في بيئة تعاونية رقمية عبر منصات التعلم تسمح للطلاب بتبادل المعلومات بفعالية والمشاركة في المناقشات والإجابة على أسئلة المعلمين.
تحسين السلامة والحماية
يساعد دمج الحساسات التي تدعم إنترنت الأشياء، وكاميرات IP، في الحفاظ على سلامة ورفاهية كل من المعلمين والطلاب. إذ تسمح قدرات التعرف على الوجه بالتتبع المتطور لمرافق المؤسسة، والكشف عن الأشخاص و/أو الأنشطة المشبوهة. كما تسمح ميزات اكتشاف قناع الوجه، أنظمة التحكم في التباعد الاجتماعي، والفحص الحراري في كشف من ارتفعت درجة حرارته أو لا يحافظ على المسافة الخاصة به في ظل الأمراض التي تحتاج تباعد.
باختصار: إن كل تلك الفوائد التي توفرها عملية التحول في التعليم تعود إلى التقنيات المتطورة التي تستخدم، فما هي؟
تقنيات التحول الرقمي في التعليم
يتوسع سوق الأدوات الرقمية بما يتضمن: الذكاء الاصطناعي، روبوتات الدردشة، الواقع المعزز، الواقع الافتراضي، الميتافيرس، البلوكتشين، وإنترنت الأشياء في التعليم. نتيجة الاستخدام الرائع التي تتجلى فيما يلي:
الذكاء الاصطناعي
حقق الذكاء الاصطناعي نجاحات كبيرة في العمليات التعليمية، فتمت الاستفادة منه لإصلاح الطريقة التي يعمل بها المعلمون ويحصل الطلاب على مواد تعليمية جديدة.
فهو يساهم في تعزيز التعلم الشخصي عبر برامج التعلم التكيفية وتقنيات اللعب المختلفة، كما يسلط الضوء على المجالات التي لا يجيدها الطالب والمواضيع التي لا يزال عليه إتقانها.
كما يمنح المعلمين دورًا في أتمتة عملية التقييم لاختبارات الاختيار من متعدد وملء الفراغات، مما يسمح لهم بالتركيز على الأنشطة التي تحتاج الإبداع والتفاعل الشخصي مع الطلاب.
روبوتات الدردشة
أصبحت روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي مفضلة في التعليم، فقد أثبتت نجاحها مع كل من المعلمين والطلاب والموظفين الإداريين.
إذ تؤدي مجموعة من المهام بكفاءة عالية على مدار الساعة، بما يتضمن: الإجابة على الأسئلة الروتينية، وتقديم التعليقات للمتعلمين، ومساعدة المتقدمين الجامعيين، وتقديم المشورة للطلاب المحتملين بشأن عملية القبول.
الواقع المعزز/ الافتراضي
يعد الواقع المعزز أبرز التقنيات التي يمكن تطبيقها على مجموعة من الأنشطة التعليمية، فهي تضيف قيمة إلى المشهد التعليمي، لكونها تقدم تجارب رائعة وتتيح المعلومات بطرق آسرة.
فهو يسمح للطلاب التفاعل مع الكائنات الافتراضية والمناطق المحيطة بهم بسهولة، إذ يساعد على تحويل الأشياء المرئية إلى عناصر لمسية ثلاثية الأبعاد، كما يساعد HoloAnatomy طلاب الطب في الحصول على فهم أفضل لجسم الإنسان باستخدام محاكاة الواقع المعزز.
كما يعمل كآلة زمنية تنقل الطلاب إلى العصور القديمة بحيث يستطيعوا الحصول على فكرة أوضح عن أهم الأحداث العالمية، كما يوجد مبادرات تهدف إلى مساعدة الطلاب على ممارسة مقابلات العمل وصقل مهاراتهم الشخصية.
كما تساعد أدوات AR/VR المعلمين على إنشاء إصدارات ثلاثية الأبعاد من الفصول الدراسية بحيث يتم تمثيل كل طالب كصورة رمزية تستطيع التحرك في الفصل الدراسي والتفاعل مع زملائه، عادةً تحتوي وظيفة ترجمة اللغة، مما يحل مشكلة الحواجز اللغوية .
الميتافيرس
تساعد الميتافيرس الطلاب على استكشاف فرص رائعة عبر غمر أنفسهم في بيئات واقعية، إذ يستطيع طلاب الطب الدخول إلى أجزاء الجسم البشري واستكشاف بنيته ووظيفته بشكل أفضل.
البلوكتشين
تعد البلوكتشين من أهم التقنيات المستخدمة في عملية التحول الرقمي في التعليم إذ يمكنها الاحتفاظ بسجلات الطلاب التي تحتوي معلومات أصلية عن الحضور والدورات التدريبية المكتملة ونتائج الاختبارات. فبعد إدخال بيانات الطالب يستحيل تزويرها أو التلاعب بها، ولن يستطيع الوصول إليها غير الأطراف المصرَّح لها بذلك. كما يمكن للمدرسيّن الاستفادة من العقود الذكيّة المدعومة بتقنية البلوكشين لمساعدتهم في تنظيم عملهم. بحيث يمكنهم تسجيل الدرس، وتوفير المهام للطلاب، وتحديد معلمات المهمة، وتمكين العقود الذَّكية للتَّحقق من اكتمال المهمة تلقائيًا والسَّماح للطالب بالانتقال إلى المهمة التَّالية.
إنترنت الأشياء
تسمح أجهزة إنترنت الأشياء للمدارس والجامعات بتعزيز أمان حرمها الجامعي، وتتبُّع الموارد الأساسية وإدارتها، وتبسيط الوصول إلى المعلومات في بيئة التَّعلم بشكل كبير.
من أبرز الاستخدامات: منظّمات الحرارة الذَّكية التَّي تنظّم درجة حرارة الصَّف الدّراسي، والحسَّاسات الذَّكية التَّي تستطيع تتبُّع حضور وأداء كل طالب. كما يمكن استخدامها لرفع مستوى كفاءة الاختبار والتَّقييم والمساعدة لإيجاد طرق لزيادة المشاركة في الفصل الدّراسي.
كما استخدم عدد كبير من المدارس أجهزة إنترنت الأشياء كالسَّاعات الذَّكية لتتبُّع مقاييس صحّة الطُّلاب ورفاهيتهم كالاكتئاب ومستوى الأكسجين في الدَّم. فلو اكتشف الجهاز تغييرًا في الحالة، يخبر مديري المدرسة وأولياء الأمور.
الجدير بالذّكر، أن عمليّة التَّحول الرقمي في التَّعليم تمتلك الكثير من الفوائد لكن تطبيقها ليس بالأمر السّهل فهناك بعض التَّحديات التي قد تحول دون ذلك، فما هي؟
تحديات ومعوقات التحول الرقمي في التَّعليم
أبرز العقبات التي قد تعترض عملية التحول الرقمي في التّعليم هي الاستراتيجية الخاطئة طويلة المدى، وعدم الرّغبة في التَّغيير، والافتقار إلى المهارات. فهي تخلق حواجز أمام الانتقال من الأساليب التّقليدية إلى الأساليب الأكثر تقدّماً إليك التَّفاصيل:
استراتيجية طويلة المدى غير واضحة
فعندما تقرر مؤسسة تعليمية التحول إلى النظام الرقمي ولا تمتلك خطة شاملة، ستواجه الكثير من التحديات والعقبات. إذ يجب التخطيط ووضع استراتيجية شاملة تتنبأ بكل الاحتمالات وتجيب على الأسئلة الرئيسية التي تتجلى فيما يلي:
ما الذي تخطط أنت ومؤسستك التعليمية تحقيقه باستخدام الأدوات الرقمية؟ هل يسمح لك النظام القديم الحالي بدمج التقنيات الرقمية الجديدة بنجاح؟ هل المعلمون والطلاب مدربون ومستعدون بشكل كافٍ لتقبل التغيير؟ هل سيحصل الجميع على فرص متساوية للوصول إلى نماذج جديدة للتعلم؟ هل تمتلك ميزانية البنية التحتية اللازمة لإحداث التغييرات والتخصيصات والاستبدالات؟
عدم رغبة المؤسسات في التغيير
قد تواجه بعض المؤسسات التعليمية صعوبة في تغيير منهجية إدارة عملياتها الداخلية، فبعض المعلمين معتادين على الوضع الراهن ويخشون أن تحل التكنولوجيا محلهم.
لذا يجب إقناع المعلمين بأن التكنولوجيا المتطورة لن تحل محلهم أبدًا، بل ستساعد في تخفيف عبء إعداد المواد والأنشطة لفصولهم الدراسية وجعل الدروس أكثر تفاعلية وغنية بالمعلومات.
عدم كفاية المعرفة والمهارات التقنية
لن ينجح التحول الرقمي في التعليم إلا إذا حصل المعلمون على فهم شامل لكيفية الاستفادة من الأدوات والحلول الرقمية في أنشطة التدريس والتعلم. لذا، يحتاج أعضاء هيئة التدريس إلى التدريب بانتظام وتحديثهم بالمهارات الرقمية التي ستسمح لهم بتعليم طلابهم ومراقبتهم وتحفيزهم، وفي الوقت نفسه يجب مساعدة الطلاب باستمرار على صقل مهاراتهم الرقمية.
الجدير بالذكر أن عملية التحول إلى النظام الرقمي في المؤسسات التعليمية قد تحدث تغييرياً نوعياً لكن لا يخلو الأمر من بعض العيوب فلنتطرق إليها في الفقرة التالية.
عيوب التحول الرقمي في التعليم

أظهرت الدراسات أنه هناك عدة عيوب للتحول الرقمي في التعليم في حال لم تستخدم المؤسسات التعليمية التقنيات بشكل صحيح، تتجلى فيما يلي:
قد تقدم التكنولوجيا التعليمية معلومات كاذبة
تحتوي التكنولوجيا التعليمية كنماذج اللغة الكبيرة مثل ChatGPT تحيزات ومعلومات خاطئة قد تلحق الضرر بعملية التعلم.
قد تجعل التكنولوجيا الغش أسهل
قد تجعل التكنولوجيا الغش أسهل بكثير للمتعلمين إذ يمكنهم استخدامه للوصول إلى المعلومات وتقديمها كما لو بحثوا عنها بأنفسهم، ممّا يؤثر على عملية التعلم بشكل سلبي.
صيانة الأدوات الرقمية باهظة الثمن
تعتبر الميزانيات التعليمية وخاصة مدارس القطاع العام محدودة نوعاً ما، وقد تشكل الأدوات التعليمية الرقمية عبئاً عليها. بالتالي يسبب عجز في الميزانية، مما قد يؤثر على جودة التعليم في مجالات أخرى.
في الختام، الجدير بالذكر أنه قبل الشروع في تطبيق عملية التحول الرقمي في التعليم يجب البحث عن شريك تقني موثوق يتولى تنفيذ التكنولوجيا أو تقديم حل عالي الأداء. كما يجب إعداد كل من المعلمين والطلاب في عمليات التعلم والتدريس، يمكن تحقيق ذلك بإقامة التدريبات وورش العمل والجلسات التي تشمل شرح شامل لفوائد الأدوات الرقمية. إضافة إلى توفير عروض توضيحية حول كيفية استخدامها، فضلاً عن دراسة التحديات بشكل جيد والتغلب عليها للاستفادة من إمكاناتها بأفضل شكل ممكن.