الأحد, سبتمبر 8, 2024
Homeتقنيةالتحول الرقمي في قطاع الصحة: دليل شامل

التحول الرقمي في قطاع الصحة: دليل شامل

أصبح التحول الرقمي في قطاع الصحة أولوية لدى قادة الرعاية الصحية في عصر غزت فيه الرقمنة مختلف مجالات الحياة. لكونه يعزّز العلاقة بين المرضى والأطباء، فهو يعيد تشكيل طريقة التفاعل بينهم وآلية مشاركة البيانات وطرق اتخاذ قرارات العلاج والنتائج الصحية. نستعرض أدناه مفهوم التحول الرقمي في مجال الصحة، وفوائده وكيف يحسّن عملية الطبابة، كما نتطرق إلى كيفية استخدام التّقنيات الرقمية في قطاع الصحة، وأبرز التّحديات التي قد تواجه تطبيقه.

مفهوم التحول الرقمي في قطاع الصحة

التحول الرقمي في قطاع الصحة هو مجموعة التقنيات الرقمية التي تسمح للمهنيين الطبيين بتحسين عملية علاج المريض، واكتشاف الأدوية، وجعل ممارسة الطبابة أسهل. فهو يبسّط عمل الأطباء، ويحسّن أنظمة العمل ونتائج المرضى، كما يقلّل الأخطاء البشرية، ويخفّض التكاليف عبر تطبيقات الويب والهواتف.

من أبرز الأمثلة على التحول الرقمي في مجال الطب والصحة: السجلات الصحية الإلكترونية، المواعيد عبر الإنترنت، التطبيب عن بعد، SaMD والأجهزة الطبية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

كيف يحسن التحول الرقمي الرعاية الصحية

يعود التحول الرقمي في قطاع الصحة بالكثير من الفوائد، فهو يغير كيفية أداء المؤسسات الطبية للمهام الإدارية وطريقة تلقي المرضى للعلاج، وغير ذلك ومن أهم فوائده:

تعزيز إمكانية الوصول إلى المساعدة الطبية

ساعدت أنظمة الطبابة الافتراضية المرضى في الحصول على المراقبة والرعاية من منازلهم، وبرزت أهمية ذلك خلال فترة جائحة كورونا. إذ فرضَ الإغلاق العالمي والحاجة إلى التباعد الاجتماعي تحديات كبيرة قبل أن يزور المرضى المؤسسات الصحية جسديًا.

 الرعاية الشخصية

ساعدت تقنيات التحول الرقمي بما يتضمن: أدوات الواقع الافتراضي، والأجهزة الطبية القابلة للارتداء، والطبابة عن بعد، وتكنولوجيا 5G المرضى في الحصول على علاج أفضل. كما سمح للأطباء تبسيط سير عملهم عبر الأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

 حل مشكلة النقص في الموظفين

واجهت المؤسسات الطبية نقص في الموظفين نتيجة ارتفاع الطلب المتزايد على الرعاية المريحة والمستمرة حول العالم. هنا يبرز دور التحول الرقمي في قطاع الصحة فهو يساعد في تبسيط سير العمل وأتمتة المهام الروتينية، بالتالي تقليل الحاجة إلى الموارد البشرية.

تقليل التكاليف

تعتبر تكاليف التحول الرقمي أبرز التحديات الرئيسية التي تواجه أنظمة الرعاية الصحية، لذا أصبح تقليل الهدر وتحسين الكفاءة التشغيلية أولوية رئيسية عند قادة الرعاية الصحية. بالتّالي فهم يحتاجون رؤى تعتمد على البيانات لتحديد كيفية تحقيق أكبر المكاسب، هذا ما يوفره التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية. إذ ساعدت أتمتة المهام الإدارية كجدولة المواعيد وإعداد الفواتير إلى تقليل عبء العمل على المتخصصين الطبيين، مما سمح لهم بالتركيز على رعاية المرضى بشكل أكبر.

المساعدة في حلول الأمراض غير المعدية

تساعد الحلول الرقمية في اكتشاف الأمراض وعلاجها بشكل أسرع وأكثر فعالية، إضافة إلى منع ظهور الأمراض المزمنة لدى الأفراد.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي التطبيقات التي يمكن استخدامها لتحقيق فوائد التحول الرقمي في قطاع الصحة؟

تطبيقات التحول الرقمي في قطاع الصحة

التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية
التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية

تتراوح استخدامات التحول الرقمي في قطاع الصحة من تقنيات البيانات والبلوكتشين إلى الذكاء الاصطناعي ثم الواقع الافتراضي والمعزز وأجهزة IOT. إذ يتم توظيفها مع بعضها لتعيد تشكيل سير عملية الطبابة وطرق التفاعل بين الأطباء والمرضى، وتتجلى استخداماتها كما يلي:

تطبيقات البيانات الضخمة في الرعاية الصحية

تجمع البيانات الضخمة معلومات حول الأعمال التجارية من خلال وسائل السوشيال ميديا، والتجارة الإلكترونية، والمعاملات عبر الإنترنت، والمعاملات المالية، وتحديد الأنماط والاتجاهات للاستخدام المستقبلي. ففي قطاع الرعاية الصحية توفر البيانات الضخمة عدة فوائد هامة تتضمن:

  • انخفاض معدل الأخطاء الدوائية: إذ يساعد تحليل سجلات المرضى في الإبلاغ عن أي تناقضات بين صحة المريض ووصفات الأدوية، وتنبيه العاملين والمرضى عند وجود خطر محتمل لحدوث خطأ دوائي.
  • تسهيل الرعاية الوقائية: يدخل عدد كبير من الأشخاص غرف الطوارئ وهم مرضى متكررون، لذا عندما يتم تخزين بياناتهم وتحليلها يمكن وضع خطط وقائية لمنعهم من العودة.
  • توظيف أدق: يساعد تحليل البيانات التنبؤي المستشفيات والعيادات على تقدير معدلات القبول المستقبلية، مما يساعدها على تخصيص الموظفين المناسبين للتعامل مع المرضى. بالتالي توفير المال وأوقات الانتظار في غرف الطوارئ عندما تعاني المنشأة من نقص الموظفين.

السجلات الالكترونية بتقنية البلوكتشين

تعد تقنية البلوكتشين أبرز تقنيات التحول في قطاع التحول الرقمي في قطاع الصحة، فقد أثبتت أنها أداة فعالة في الحفاظ على دقة وسلامة السجلات الصحية الإلكترونية وخفض التكاليف. ففي الوقت الحالي، تسجل البيانات الطبية بتنسيقات غير منظمة عبر أنظمة السجلات الصحية الإلكترونية. كما يعاني الأطباء والممرضون الذين يعانون من نقص عدد الموظفين لتسجيل الدخول يدويًا إلى المعلومات إضافة إلى ذلك، قد يحدث أخطاء فادحة كالسجلات الطبيّة المكرّرة، والتَّشخيص الخاطئ، وتأخّر العلاج، وقد تقود في بعض الأحيان إلى الوفيات. في حين تسمح البلوكتشين للمرضى التحكم في سجلاتهم الصحية الإلكترونية عبر التطبيقات الموزعة، إذ تسجل المعاملات عبرها، وسيطلب الأطباء أو الصيادلة أو شركات التأمين الصحي الإذن للوصول إلى بياناتهم.

الأجهزة الطبية القابلة للارتداء وإنترنت الأشياء

تعتبر الأجهزة الطبية القابلة للارتداء وإنترنت الأشياء أحد توجهات التحول الرقمي في قطاع الصحة، إذ تجمع الشركات بيانات المرضى من خلالها. فهي توفر مراقبة حديثة للمرضى المعرضين للمخاطر وتحدّد احتمال وقوع حدث صحي كبير.

من هذه الأجهزة: أجهزة استشعار معدل ضربات القلب، أجهزة تتبع التمارين الرياضية، ساعة آبل الذكية التي تظهر معدل نبضات القلب على الشاشة. جهاز قياس العرق الذي يستخدم لمرضى السكر لمراقبة مستويات السكر في الدم. مقياس التأكسج يراقب كمية الأكسجين المنقولة في الدم، يستخدمه المرضى الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي كمرض الانسداد الرئوي المزمن أو الربو.

الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات

يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على مساعدة الصناعة فهو يساعد في خفض التكاليف عبر إكمال المهام التي تحتاج وقتًا طويلاً كتحليل فحوصات CAT مما يسمح لمتخصصي الصحة بالتركيز على المهام الأعقد أو التي تركز على المريض. كما يستخدم لتمكين المرضى من استخدام محطات الخدمة الذاتية عند الاقتضاء، مما يسمح للعيادات أو المستشفيات باستخدام الموارد بطرق أكثر تأثيراً على صحة المرضى. فضلاً عن إمكانية مراجعة ملايين الدراسات الطبية لإيجاد خطة علاج فعالة تعتمد على عدة عوامل بما يتضمن: حالة المريض وعمره.

هناك تقنيات أخرى كروبوتات الدردشة ومساعدي الصحة الافتراضية مثل Google bard و CHATGPT فهي تلعب عدة أدوار بما يتضمن: ممثلي خدمة العملاء، أدوات التشخيص، المعالجين.

في حين تكمن القوة الحقيقية للذكاء الاصطناعي في مجالات الطب الدقيق، والتصوير الطبي، واكتشاف الأدوية، وعلم الجينوم. فبفضل التعرف المتطور على الأنماط بواسطة الذكاء الاصطناعي، يستطيع المرضى الوصول إلى علاجات شخصية تناسب تركيبتهم الجينية وأسلوب حياتهم. إذ تحلل البرامج آلاف الصور المرضية لمختلف أنواع السرطانات وتوفر تشخيصات دقيقة جداً للتنبؤ بأفضل مجموعات الأدوية المضادة للسرطان.

كما يساعد الذكاء الاصطناعي في تشخيص التصوير الطبي على اكتشاف التفاصيل التي لا تراها العين البشرية. في حين تستخدم شركات الأدوية خوارزميات التعلم الآلي لتقصير دورة تطوير الأدوية، فهي تخفض الجداول الزمنية لاكتشاف الأدوية المبكرة وتحقق وفورات في التكاليف.

الواقع المعزز والواقع الافتراضي

يحتوي الواقع المعزز والواقع الافتراضي على عدة تطبيقات في مجال الرعاية الصحية فهي تساعد كل من المرضى والمهنيين.

  • فبالنسبة للأطباء: يساعد الواقع الافتراضي على كيفية تنفيذ إجراءات خطيرة دون تعريض المرضى للخطر، كما يستخدم الواقع المعزز أثناء الإجراءات المعقدة للمساعدة في توجيه الجراحين وتقليل احتمالية الخطأ.
  • أما بالنسبة للمرضى: تساعد المرضى الذين يعانون من الخرف أو الزهايمر، إذ تستخدم لإعادة خلق تجارب استعادة ذكرى معينة أو فترات سعيدة مرت في حياتهم.

كما تشمل الاستخدامات الأخرى في أنها تحفز سماعات الواقع الافتراضي مرتديها على ممارسة الرياضة ومساعدة الأطفال المصابين بالتوحد على تعلم كيفية التنقل في العالم.

التطبيب عن بعد

يعد التطبيب عند بعد أحد أهم تطبيقات التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية إذ تعمل الحلول المبتكرة كتطبيقات الهاتف والمواقع الإلكترونية على تسهيل طريقة تفاعل المرضى مع الأطباء، من إيجاد الطبيب المناسب إلى حضور الموعد. ممّا ساعد المرضى المقيمين في المناطق الريفية أو النائية بالوصول إلى الأطباء والحصول على الرعاية الصحية بسرعة عندما يحتاجونها.

الرعاية الصحية التنبؤية

كما أشرنا تساعد البيانات الضخمة ومصادر التسويق الأخرى في مجال الرعاية الصحية على التنبؤ بالأمراض التي قد تصبح مشاكل كبيرة في المستقبل. بحيث تستطيع تعيين محلل لتحليل نشاط الكلمات الرئيسية عبر قنوات السوشيال ميديا ومحركات البحث لتحديد عمليات البحث الأكثر شيوعًا عن الحالات الطبية والأمراض والصحة العامة. بالتالي تطوير نموذج تنبؤي يتوقع مكان وزمان حدوث الذعر الصحي التالي، وكيفية استعداد الشركة له. كما يمكن أن يساعد الشركات على تحديد مواعيد بتعيين موظفين مؤقتين بسبب تفشي نزلات البرد والانفلونزا التي قد تسبب نقص العمال.

تحديات الرقمنة في قطاع الصحة

التحول الرقمي في قطاع الصحة
تحديات التحول الرقمي في قطاع الصحة

صحيح أنَّ التحول الرقمي في قطاع الصحة يحسّن عملية الطبابة ويعود بالكثير من الفوائد على كل من المرضى والأطباء. لكن لا زال يعترض تطبيقه بعض التّحديات أبرزها:

التعامل مع البيانات

تشكل معالجة البيانات وتحليلها التحدي الرئيسي في صناعة الرعاية الصحية نتيجة الكم الهائل الذَّي تجمعه المستشفيات والعيادات ومنظمات الصحة. فهي تحتاج أنظمة ذكاء اصطناعي قوية، بالتّالي يصعب على المؤسسات تقديم رعاية أفضل وأكثر تخصيصًا للمرضى.

كما يعتبر جمع البيانات ومزامنتها تحدي هام آخر، فمع التطبيب عن بعد يزور المرضى الأطباء عبر عدّة قنوات بالتّالي يصعب على العاملين تحديث السّجلات الصحية للمرضى. لذا من الضروري إنشاء طريقة لتسجيل وتحديث السجلات الصحية للزيارات الشخصية والافتراضية، إضافة إلى ضرورة وجود تشريعات كاللَّائحة العامة لحماية البيانات عندما يتم جمعها وتخزينها.

الأمن الإلكتروني

يعتبر الأمن السيبراني تحديًا في أي صناعة بما فيها الرعاية الصحية، لذا تبقى المنظمات يقظة جداً ضد التهديدات وقد تكون مكلفة. ففي مجال الصحة، تتجلّى أوجه القصور في مصادقة وأذونات المستخدم، كما يوجد أخطاء أخرى عند تطوير منتج أو برنامج، بما يتضمّن: تطبيقات الهاتف والمواقع الإلكترونية وأجهزة IoMT.

تجربة المستخدم الرقمية

يعتبر تصميم المنتجات كجهاز مراقبة القلب المتصل أو تطبيق الهاتف أو أي منتج أو خدمة رقمية يعمل بشكل مثالي وسهل الاستخدام تحديًا كبيرً في التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية، لأنها ستسخدم من قبل المرضى والأطباء.

فلو كان جهاز IoMT غير مريح أو سيئ التصميم قد يدفع المريض لإزالته، مما يحد من البيانات التي يمكنه جمعها. كما لو كان صعب الاستخدام سيحدّ من رغبة المتخصصين الطبيين في استخدامه أو وصفه للمرضى الآخرين.

اختبار ضمان الجودة

يعتبر اختبار ضمان الجودة رئيسيًا في إنتاج أي منتج أو خدمة رقمية، خاصة في قطاع الصحة، فهو مصمم لتقييم جودة وأداء المنتجات أو الخدمات. إذ يعتبر إطلاق منتج طبي متصل يتأثر بالأخطاء كارثة بالنسبة لكل من الشركات والأطباء والمستشفيات والمرضى، نظرًا للمخاطر الكبيرة في قطاع الصحة.

في الختام، الجدير بالذّكر أنَّ سبعة بالمائة فقط من الشّركات الصحية والأدوية قد تحولت إلى الرقمنة، في حين بلغت النسبة 15 بالمائة من الشركات في الصناعات الأخرى. ربما يعود ذلك إلى التحديات التي لا يستهان بها، لذا عند اعتماد تقنيات التحول الرقمي في قطاع الصحة يجب اختيار شريك تقني موثوق يمكنه تحقيق المتطلبات والتغلب على التحديات.

بثينه ابراهيم عياش
بثينه ابراهيم عياش
بثينة ابراهيم عياش مهندسة تحكم آلي وحواسيب، باحثة ومعدة أبحاث ومقالات علمية تخصيصة، أهدف إلى إثراء المحتوى العربي بالمعلومة ونشر المعرفة لدى الجميع.
مقالات ذات صلة

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

- Advertisment -

الأكثر شهرة